المسألة الثانية : قوله : {
أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء } :
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : كانوا يكسرون الدنانير والدراهم . وكذلك قال جماعة من المفسرين المتقدمين ;
وكسر الدنانير والدراهم ذنب عظيم ; لأنها الواسطة في تقدير قيم الأشياء والسبيل إلى معرفة كمية الأموال وتنزيلها في المعارضات ، حتى عبر عنها بعض العلماء إلى أن يقولوا إنها القاضي بين الأموال عند اختلاف المقادير أو جهلها ، وإن من حبسها ولم يصرفها فكأنه حبس القاضي وحجبه عن الناس ، والدراهم والدنانير إذا كانت صحاحا قام معناها ، وظهرت فائدتها ، فإذا كسرت صارت سلعة ، وبطلت الفائدة فيها ، فأضر ذلك بالناس ; فلأجله حرم .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب :
قطع الدنانير والدراهم من الفساد في الأرض ، وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم في هذه الآية ، وفسره به . ومثلها عن
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عنهم كلهم .
[ ص: 24 ]
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز : إن ذلك تأويل قوله : {
ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها } .
وقد قيل في قوله تعالى : {
وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون } قال
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم : كانوا يكسرون الدراهم والدنانير ، والمعاصي تتداعى .
المسألة الثالثة :
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ : قال
عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة مولى زيد بن الحارث العتقي : من كسرها لم تقبل شهادته ، وإن اعتذر بالجهالة لم يعذر ، وليس هذا بموضع عذر ، فأما قوله : لم تقبل شهادته ، فلأنه أتى كبيرة ; والكبائر تسقط العدالة دون الصغائر .
وأما قوله : لا يقبل عذره بالجهالة في هذا فلأنه أمر بين لا يخفى على أحد . وإنما يقبل العذر إذا ظهر الصدق فيه أو خفي وجه الصدق فيه ، وكان الله أعلم به من العبد كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
المسألة الرابعة :
إذا كان هذا معصية وفسادا يرد الشهادة فإنه
يعاقب من فعل ذلك .
اختلف في عقوبته على ثلاثة أقوال :
[ الأول ] : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : يعاقبه السلطان على ذلك هكذا مطلقا من غير تحديد للعقوبة .
الثاني : قال
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ونحوه عن
سفيان : إنه مر برجل قد جلد ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب : ما هذا ؟ فقالوا : رجل كان يقطع الدراهم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب : هذا من الفساد في الأرض ولم ينكر جلده .
[ ص: 25 ]
الثالث : قال
أبو عبد الرحمن التجيبي : كنت عند
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز قاعدا ، وهو إذ ذاك أمير
المدينة ، فأتي برجل يقطع الدراهم ، وقد شهد عليه ، فضربه وحلقه ، فأمر فطيف به ، وأمره أن يقول : هذا جزاء من يقطع الدراهم ، ثم أمر به أن يرد إليه ، فقال له : إنه لم يمنعني أن أقطع يدك إلا أني لم أكن تقدمت في ذلك قبل اليوم ، فقد تقدمت في ذلك ، فمن شاء فليقطع .
قال القاضي
ابن العربي : أما أدبه بالسوط فلا كلام فيه ، وأما حلقه فقد فعله
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر كما تقدم .
وقد كنت أيام الحكم بين الناس أضرب وأحلق ; وإنما كنت أفعل ذلك بمن يربي شعره عونا على المعصية وطريقا إلى التجمل به في الفسوق ، وهذا هو الواجب في كل طريقة للمعصية أن يقطع إذا كان ذلك غير مؤثر في البدن .
وأما قطع يده فإنما أخذ ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر والله أعلم من فصل السرقة ، وذلك أن قرض الدراهم غير كسرها ، فإن الكسر إفساد الوصف والقرض تنقيص القدر ، فهو أخذ مال على جهة الاختفاء .
فإن قيل : ليس من حرز ، والحرز أصل في القطع . قلنا : يحتمل أن يكون
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر رأى أن تهيئتها للفصل بين الخلق دينارا أو درهما حرز لها ، وحرز كل شيء على قدر حاله .
وقد أنفذ بعد ذلك
ابن الزبير ، وقطع يد رجل في قطع الدراهم والدنانير .
وقد قال علماؤنا المالكية : إن الدراهم والدنانير خواتيم الله عليها اسم الله ولو قطع على قول أهل التأويل من كسر خاتما لله لكان أهلا لذلك ، إذ
من كسر خاتم سلطان عليه اسمه أدب ، وخاتم الله تقضى به الحوائج ، فلا يستويان في العقوبة .
[ ص: 26 ]
وأرى القطع في قرضها دون كسرها ، وقد كنت أفعل ذلك أيام توليتي الحكم ، إلا أني كنت محفوفا بالجهال ، لم أجب بسبب المقال للحسدة الضلال ، فمن قدر عليه يوما من أهل الحق فليفعله احتسابا لله تعالى .