صفحة جزء
المسألة الثانية : قوله تعالى : { إنا ذهبنا نستبق }

اعلموا وفقكم الله أن المسابقة شرعة في الشريعة ، وخصلة بديعة ، وعون على الحرب ، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه وبخيله ; فروي { أنه سابق عائشة فسبقها ، فلما كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم سابقها فسبقته ، فقال لها : هذه بتلك } .

وروي { أنه سابق بين الخيل التي أضمرت من الحفياء ، وكان أمدها ثنية الوداع ، وسابق الخيل التي لا تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق ، وأن عبد الله بن عمر كان ممن سابق بها } .

وقد روي أن { النبي صلى الله عليه وسلم سابق بين العضباء وغيرها ، فسبقت العضباء ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : حق على الله ألا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه } .

وفي ذلك في الفوائد رياضة النفس والدواب ، وتدريب الأعضاء على التصرف ، ولا مسابقة إلا بين الخيل والإبل خاصة [ ص: 40 ]

المسألة الثالثة :

يجوز الاستباق من غير سبق يجعل ، ويجوز بسبق ، فإن أخرج أحد المتسابقين سبقا على أن يأخذه الآخر إن سبق ، وإن سبق هو أخذه الذي يليه ، فإنه جائز عند أكثر العلماء . وقال مالك . وروى ابن مزيد عن مالك أن يأخذه من حضر ، فذلك أيضا جائز ، وإن كان على أن يأخذه الخارج إن سبق ففيه ثلاث روايات : كرهه مالك ، وقال ابن القاسم : لا خير فيه ، وجوزه ابن وهب ، وبه أقول ; لأنه لا غرر فيه ، ولا دليل يحرمه .

قال علماؤنا : وهذا إن كان بينهما محلل ، على أنه إن سبق أخذ منهما أو من أحدهما ، وإن سبق لم يكن عليه شيء جاز ، جوزه ابن المسيب ومالك في أحد قوليه ومنعه في الآخر ، ولا يشترط فيه معرفة أحد بحال فرس صاحبه ، بل يجوز على الجهالة ولهما حكم القدر ، ومسائل السباق في الفروع مستوفاة .

التالي السابق


الخدمات العلمية