الآية الموفية أربعين :
قوله تعالى {
: وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين } .
فيها خمس مسائل : المسألة الأولى : في
مقدمة لها : إن الله سبحانه بعث نبيه صلى الله عليه وسلم بالبيان والحجة ، وأوعز إلى عباده على لسانه بالمعجزة والتذكرة ، وفسح لهم في المهل ، وأرخى لهم في الطيل ما شاء من المدة بما
[ ص: 144 ] اقتضته المقادير التي أنفذها ، واستمرت به الحكمة ، والكفار يقابلونه بالجحود والإنكار ، ويتعمدونه وأصحابه بالعداوة والإذاية ، والبارئ سبحانه يأمر نبيه عليه السلام وأصحابه باحتمال الأذى والصبر على المكروه ، ويأمرهم بالإعراض تارة وبالعفو والصفح أخرى ، حتى يأتي الله بأمره ، إلى أن أذن الله تعالى لهم في القتال .
فقيل : إنه أنزل على رسوله : {
أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا } وهي أول آية نزلت ، وإن لم يكن أحد قاتل ، ولكن معناه أذن للذين يعلمون أن الكفار يعتقدون قتالهم وقتلهم بأن يقاتلوهم على اختلاف القراءتين ، ثم صار بعد ذلك فرضا ، فقال تعالى : {
وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم } . ثم أمر بقتال الكل ، فقال : {
فاقتلوا المشركين } الآية ، وقيل : إن هذه الآية أول آية نزلت . والصحيح ما رتبناه ; لأن آية الإذن في القتال مكية ، وهذه الآية مدنية متأخرة .