المسألة الثالثة :
قوله : { وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر } : والسربال : كل ما ستر باللباس من ثوب من صوف أو وبر أو شعر أو قطن أو
[ ص: 153 ] كتان . وهذه نعمة أنعم الله بها على الآدمي فإنه خلقه عاريا ، ثم جعله بنعمته بعد ذلك كاسيا ; وسائر الحيوانات سرابيلها جلودها أو ما يكون من صوف أو شعر أو وبر عليها ; فشرف الآدمي بأن كسي من أجزاء سواه .
المسألة الرابعة : قوله تعالى : {
وسرابيل تقيكم بأسكم } : يعني دروع الحرب ; من الله بها على العباد عدة للجهاد ، وعونا على الأعداء ، وعلمها ، كما علم صنعة غيرها ، ولبسها النبي صلى الله عليه وسلم حين ظاهر يوم
أحد بين درعين ، تقاة الجراحة ، وإن كان يطلب الشهادة ، كما يعد السيف والرمح والسهم للقتل بها لغيره ، والمدافعة بها عن نفسه ، ثم ينفذ الله ما شاء من حكمه ، وليس على العبد أن يطلب الشهادة بأن يستقتل مع الأعداء ، ولا بأن يستسلم للحتوف ، ولكنه يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، ويأخذ حذره ، ويسأل الله الشهادة خالصا من قلبه ، ويعطيه الله بعد ما سبق في علمه ، وهذا معنى قوله : {
لعلكم تسلمون } بفتح التاء على [ قراءة ] من قرأها كذلك ، ومن قرأها بالضم فمعناه لعلكم تنقادون إلى طاعته شكرا على نعمته .