قضى الله بحكمته وحكمه أن يتكلم الناس ، هل أسري بجسد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بروحه ؟ ولو لا مشيئة ربنا السابقة بالاختلاف لكانت المسألة أبين عند الإنصاف ; فإن المنكر لذلك لا يخلو أن يكون ملحدا ينكر القدرة ، ويرى أن الثقيل لا يصعد علوا ، وطبعه استفال فما باله يتكلم معنا في هذا الفرع ، وهو منكر للأصل ; وهو وجود الإله وقدرته ، وأنه يصرف الأشياء بالعلم والإرادة ، لا بالطبيعة .
فلما كان بعد ذلك جاءه الملك في اليقظة بمثل ما أراده في المنام . وكانت الحكمة في ذلك أن أراه الله في المنام ما أراه من ذلك توطيدا وتثبيتا لنفسه ، حتى لا يأتيه الحال فجأة ، فتقاسي نفسه الكريمة منها شدة ، لعجز القوى الآدمية عن مباشرة الهيئة الملكية .
وقد ثبت في الصحيح وغيره من طرق عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله تعالى : { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } ; ولو كانت رؤيا منام ما افتتن بها أحد ، ولا أنكرها ; فإنه لا يستبعد على أحد أن يرى نفسه يخترق السموات ، ويجلس على الكرسي ، ويكلمه الرب .