المسألة السابعة : قال بعض الناس : إن
داود لم يكن أنفذ الحكم ، وظهر له ما قال غيره . وقال آخرون : لم يكن حكما ، وإنما كانت فتيا ، فأما القول بأن ذلك من
داود كان فتيا فهو ضعيف ; لأنه كان النبي ، وفتياه حكم . وأما قوله الآخر : إنه لم يكن أنفذ الحكم فظهر له ما قال غيره . فهو ضعيف ; لأنه قال : {
إذ يحكمان } ، فبين أن كل واحد منهما كان قد حكم ، على أنه قد قيل : إن الفتيا حكم ، وهو صحيح لفظا ، وفي بعض المعنى ; لأنه يلزم المقلد قوله ، ولا يلزم المجتهد قول غيره .
وقد قيل : إن الله أوحى أن الحكم حكم
سليمان ، فعلى هذا كان القضاء من الله ، وكل ذلك محتمل . وهذا كله مبني على أن
الأنبياء يجوز لهم الحكم بالاجتهاد ، وهي :
المسألة الثامنة : وقد بينا في كتاب التمحيص أن اجتهادهم صحيح ; لأنه دليل شرعي ، فلا إحالة في أن يستدل به الأنبياء . فإن قيل : إنما يكون دليلا إذا عدم النص ، وهم لا يعدمونه ، لأجل نزول الملك . قلنا : إذا لم ينزل الملك فقد عدموا النص . جواب آخر : وذلك أنه عندنا دليل مع عدم النص ، وعندهم هو دليل مع وجوده والله أعلم .