المسألة الثانية :
اعلموا أنار الله أفئدتكم بنور هداه ، ويسر لكم مقصد التوحيد ومغزاه أن الهدى هدى الله ، فسبحان من يتفضل به على من يشاء ، ويصرفه عمن يشاء ، وقد بينا معنى الآية في فصل تنبيه الغبي على مقدار النبي بما نرجو به عند الله الجزاء الأوفى ، في مقام الزلفى ، ونحن الآن نجلو بتلك الفصول الغماء ، ونرقيكم بها عن حضيض الدهماء ، إلى بقاع العلماء في عشر مقامات :
المقام الأول : أن
النبي إذا أرسل الله إليه الملك بوحيه ، فإنه يخلق له العلم به ، حتى يتحقق أنه رسول من عنده ، ولولا ذلك ما صحت الرسالة ، ولا تبينت النبوة ، فإذا خلق الله له العلم به تميز عنده من غيره ، وثبت اليقين ، واستقام سبيل الدين ، ولو كان النبي إذا شافهه الملك بالوحي لا يدري أملك هو أم إنسان ، أم صورة مخالفة لهذه الأجناس ألقت عليه كلاما ، وبلغت إليه قولا لم يصح له أن يقول : إنه من عند الله ، ولا ثبت عندنا أنه أمر الله ، فهذه سبيل متيقنة ، وحالة متحققة ، لا بد منها ، ولا خلاف في المنقول ولا في المعقول فيها ، ولو جاز للشيطان أن يتمثل فيها ، أو يتشبه بها ما أمناه على آية ، ولا عرفنا منه باطلا من حقيقة ; فارتفع بهذا الفصل اللبس ، وصح اليقين في النفس . .