[ ص: 305 ] المقام الثالث :
أن الله قد عرف رسوله بنفسه ، وبصره بأدلته ، وأراه ملكوت سمواته وأرضه ، وعرفه سنن من كان قبله من إخوته ، فلم يكن يخفى عليه من أمر الله ما نعرفه اليوم ، ونحن حثالة أمته ; ومن خطر له ذلك فهو ممن يمشي مكبا على وجهه ، غير عارف بنبيه ولا بربه .
المقام الرابع :
تأملوا فتح الله أغلاق النظر عنكم إلى قول الرواة الذين هم بجهلهم أعداء على الإسلام ، ممن صرح بعداوته أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جلس مع
قريش تمنى ألا ينزل عليه من الله وحي ، فكيف يجوز لمن معه أدنى مسكة أن يخطر بباله أن النبي صلى الله عليه وسلم آثر وصل قومه على وصل ربه ، وأراد ألا يقطع أنسه بهم بما ينزل عليه من عند ربه من الوحي الذي كان حياة جسده وقلبه ، وأنس وحشته ، وغاية أمنيته .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ; فإذا جاءه
جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة فيؤثر على هذا مجالسة الأعداء .