المسألة التاسعة : قوله تعالى : {
وآتوهم من مال الله الذي آتاكم }
فيه قولان : أحدهما : أنه مال الزكاة ; قال
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك .
الثاني : أنه جزء من مال الكتابة ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=8علي وغيره ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وقدره
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بربع الكتابة ، وقدره غيره بنجم من نجومها . ورأى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه مجهول ، وأن ذلك موقوف على اجتهاد الحاكم بحسب ما يراه فإنه ينفذه في تركته ، ويقضي به عليه . واحتج بمطلق الأمر في قوله : {
وآتوهم من مال الله الذي آتاكم } ، وبقول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، وروي مثله عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، وليس
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي في المسألة عمدة ، وإنما هي لعلمائنا . وقد أوضحنا ذلك في مسائل الخلاف ، ولو أن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي حين قال : إن الإيتاء واجب يقول : إن الكتابة واجبة لكان تركيبا حسنا ، ولكنه قال : إن الكتابة لا تلزم والإيتاء يجب ; فجعل الأصل غير واجب ، والفرع واجبا ; وهذا لا نظير له ; فصارت دعوى محضة .
[ ص: 400 ]
فإن قيل : يكون ذلك كالنكاح لا يجب ، فإذا انعقد وجبت أحكامه ، منها المتعة .
قلنا : عندنا لا تجب المتعة ; فلا معنى لأصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في التعلق بها .
والدليل القاطع على أن الإيتاء غير واجب أنه لو كان واجبا غير مقدر كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لكان المال في أصل الكتابة مجهولا ، والعقد بالعوض المجهول لا يجوز أن يقال إن الله شرعه ، وقد عضده علماؤنا بقول الله : {
وآتوهم من مال الله الذي آتاكم } . ومال الله هو الزكاة ، والفيء ، وليس بمال أوجب حقا في عقد ، وإن كان العباد وأموالهم لله ، ولكن مطلق اللفظ إنما ينطلق على الزكاة والفيء .
فإن قيل : يحسن أن يقال في هذا : إنه مال الله ; لأنه وجب لحق الله من الحرية ، وقصد به القربة إليه .
قلنا : هذا مجاز ، لا يصار إليه إلا لضرورة .
وبالجملة فإن أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يريدون أن يجعلوا المجاز حقيقة ، ويعدلون باللفظ عن طريقه .
فإن قيل : فكيف يفعلون بقول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي ؟
قلنا : سبحان من لم يجعل الحجة إلا في قول صاحب المعجزة ، على أن الذي روي في ذلك إنما هو أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر كاتب عبدا له هو جد
ميمون بن جابان ، فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : كم تعرض ؟ فقال عبده : أعرض مائتي أوقية . قال : فما استزادني ، وكاتبني عليها ، فأراد أن يعجل لي من ماله طائفة ، فأرسل إلى
حفصة أم المؤمنين : إني كاتبت غلامي ، فأردت أن أعجل له طائفة من مالي ، فأرسلي إلي بمائتي درهم إلى أن يأتينا بشيء ، فأرسلت بها إليه ، فأخذها
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بيمينه ، وقرأ هذه الآية :
{ والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم } فخذها ، فبارك الله لك فيها . قال : فبارك الله لي فيها ; عتقت منها ، وأصبت خيرا كثيرا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي في قول الله : {
وآتوهم من مال الله الذي آتاكم } قال : ربع الكتابة . وكاتب عبدا له على أربعة آلاف درهم ، فوضع عنه ربعها ، وهذا من فعل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر [ ص: 401 ] وقول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي وفعله لا يقتضي إلا الندب ، وليس فيه على الوجوب دليل لا سيما وقد خالفهما
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ، فروي أنه كاتب غيره ، وحلف ألا يحطه في حديث طويل .