الآية الثامنة والعشرون قوله تعالى : {
إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم } .
فيها مسألتان : المسألة الأولى : في
سبب نزول الآية : والمراد بما في ذلك ثلاثة أقوال : الأول : أن الأمر الجامع الجمعة ، والعيدان ، والاستسقاء ، وكل شيء يكون فيه الخلطة ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17317يحيى بن سلام .
الثاني : أنه كل طاعة لله ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
الثالث : أنه الجهاد ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم .
وقد روى
أشهب ،
nindex.php?page=showalam&ids=17320ويحيى بن بكير ،
وعبد الله بن عبد الحكم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أن هذه الآية إنما كانت في حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
الخندق ، وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق . والذي بين ذلك أمران صحيحان :
[ ص: 429 ] أما أحدهما : فهو قوله تعالى في الآية الأخرى : {
قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا } وذلك أن المنافقين كانوا يتلوذون ، ويخرجون عن الجماعة ، ويتركون رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر الله جميعهم بألا يخرج [ أحد ] حتى يأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم وبذلك يتبين إيمانه .
وأما الثاني : فهو قوله تعالى : {
لم يذهبوا حتى يستأذنوه } فأي إذن في الحدث والإمام يخطب ، وليس للإمام خيار في منعه ولا إبقائه ، وقد قال : {
فأذن لمن شئت منهم } فبين بذلك أنه مخصوص في الحرب التي يؤثر فيها التفرق أما إن الآية تدل بقوة معناها على أن من حضر جماعة لا يخرج إلا لعذر بين أو بإذن قائم من مالك الجماعة ومقدمها ; وبذلك أن الاجتماع كان لغرض ، فما لم يتم الغرض لم يكن للتفرق أصل ، وإذا كمل الغرض جاز التفرق .