المسألة الخامسة :
ثم تركب على هذا مسألة بديعة ، وهي
الماء إذا تغير بقراره كزرنيخ أو جير يجري
[ ص: 441 ] عليه ، أو تغير بطحلب أو بورق شجر ينبت عليه لا يمكن الاحتراز منه ، فاتفق العلماء على أن ذلك لا يمنع من الوضوء به ، لعدم الاحتراز منه .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أن غيره أولى منه يعني إذا وجده ، فإذا لم يجد سواه استعمله ; لأن ما يغلب عليه المرء في باب التكليف ، ولا يمكنه التوقي منه ، فإنه ساقط الاعتبار شرعا .
ولذلك لما كان العبد لا يستطيع النزوع عن صغائر الذنوب ، ولا يمكن بشرا الاحتراز منها لم تؤثر في عدالته ، ولما كانت الكبائر يمكن التوقي منها والاحتراز عنها قدحت في العدالة والأمانة ، وكذلك
العمل الكثير في الصلاة لما كان الاحتراز منه ممكنا بطلت الصلاة به ، ولما كان العمل اليسير لا يمكن الاحتراز منه كالالتفات بالرأس وحده والمراوحة بين الأقدام ، وتحريك الأجفان ، وتقليب اليد ، لم يؤثر ذلك في الصلاة .
وهذه قاعدة الشريعة في باب التكليف كله ، فعليه خرج تغير الماء بما يغلب عليه عن تغيره بما لا يغلب عليه .