[ ص: 474 ] الآية الثالثة
قوله تعالى :
{ وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون }
فيها مسألتان : المسألة الأولى : قوله : {
يوزعون } يعني يمنعون ويدفعون ، ويرد أولهم على آخرهم ، وقد يكون بمعنى يلهمون من قوله : {
أوزعني أن أشكر نعمتك } أي ألهمني . ويحتمل أن يرجع إلى الأولى ، ويكون معناه ردني .
المسألة الثانية : روى
أشهب قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس : قال
عثمان : ما يزع الناس السلطان أكثر مما يزعهم القرآن . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : يعني يكفهم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب مثله ، وزاد ثم تلا
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : {
فهم يوزعون } أي يكفون .
وقد جهل قوم المراد بهذا الكلام ، فظنوا أن المعنى فيه أن قدرة السلطان تردع الناس أكثر مما تردعهم حدود القرآن . وهذا جهل بالله وحكمه وحكمته ووضعه لخلقه ، فإن الله ما وضع الحدود إلا مصلحة عامة كافة قائمة بقوام الحق ، لا زيادة عليها ولا نقصان معها ، ولا يصلح سواها ، ولكن الظلمة خاسوا بها ، وقصروا عنها ، وأتوا ما أتوا بغير نية منها ، ولم يقصدوا وجه الله في القضاء بها ; فلذلك لم يرتدع الخلق بها . ولو حكموا بالعدل ; وأخلصوا النية ، لاستقامت الأمور ، وصلح الجمهور ; وقد شاهدتم منا إقامة العدل والقضاء والحمد لله بالحق ، والكف للناس بالقسط ، وانتشرت الأمنة ، وعظمت المنعة ، واتصلت في البيضة الهدنة ، حتى غلب قضاء الله بفساد الحسدة ، واستيلاء الظلمة .