صفحة جزء
جواز الصداق إجارة المسألة الحادية عشرة :

إذا ثبت جواز الصداق إجارة ففي قوله : { على أن تأجرني } ذكر للخدمة مطلقا .

وقال مالك : إنه جائز ، ويحمل على المعروف .

وقال أبو حنيفة والشافعي : لا يجوز ; لأنه مجهول .

ودليلنا أنه معلوم ; لأنه استحقاق لمنافعه فيما يصرف فيه مثله ، والعرف يشهد لذلك ، ويقضي به ; فيحمل عليه . ويعضد هذا بظاهر قصة موسى فإنه ذكر إجارة مطلقة ، على أن أهل التفسير ذكروا أنه عين له رعية الغنم ، ولم يرووا ذلك من طريق صحيحة ، ولكن قالوا : إن صالح مدين لم يكن له عمل إلا رعية الغنم ، فكان ما علم من حاله قائما مقام تعيين الخدمة فيه .

وعلى كلا الوجهين فإن المسألة لنا ; فإن المخالف يرى أن ما علم من الحال لا يكفي في صحة الإجارة حتى يسمى .

وعندنا أنه يكفي ما علم من الحال ، وما قام من دليل العرف ، فلا يحتاج إلى التسمية في الخدمة ، والعرف عندنا أصل من أصول الملة ودليل من جملة الأدلة . وقد مهدناه قبل ، وفي موضعه من الأصول . [ ص: 501 ] المسألة الثانية عشرة :

قال علماؤنا : إن كان آجره على رعاية الغنم فالإجارة على رعاية الغنم على ثلاثة أقسام : إما أن تكون مطلقة ، أو مسماة بعدة ، أو معينة . فإن كانت مطلقة جازت عند علمائنا .

وقال أبو حنيفة والشافعي : إنها لا تجوز لجهالتها .

وعول علماؤنا على العرف ، وأنه يعطي على قدر ما تحتمل قوته . وزاد بعض علمائنا أنه لا يجوز حتى يعلم المستأجر قدر قوته .

وهذا صحيح ; فإن صالح مدين قد علم قدر قوة موسى برفع الحجر .

وأما إن كانت معدودة فإن ذلك جائز اتفاقا .

وإن كانت معدودة معينة ففيها تفصيل لعلمائنا .

قال ابن القاسم : لا يجوز حتى يشترط الخلف إن ماتت ، وهي رواية ضعيفة جدا ، قد بينا فسادها في كتب الفقه . وقد استأجر صالح مدين موسى على غنمه ، وقد رآها ولم يشرط خلفا .

التالي السابق


الخدمات العلمية