المسألة الموفية ثلاثين : إذا
لم يجد الهدي فصيام ثلاثة أيام في الحج .
قال علماؤنا : وذلك بأن يصوم من إحرامه بالحج إلى يوم
عرفة ، هذه حقيقته ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : يصومه في إحرامه بالعمرة ; لأنه أحد إحرامي المتمتع ، فجاز صوم الأيام فيه كإحرامه بالحج .
ودليلنا {
فصيام ثلاثة أيام في الحج } فإذا صامه في العمرة فقد أداه قبل وقته فلم يجزه .
قال
القاضي : إذا ثبت هذا قال علماؤنا : يصومها قبل يوم
عرفة ليكون يوم
عرفة [ ص: 184 ] مفطرا ، فذلك اتباع للسنة وأقوى على العبادة .
ولا يخلو المتمتع أن يجد الهدي أو لا يجده ، فإن لم يجده وعلم استمرار العدم إلى آخر الحج صام من أوله ; وإن رجاه آخره إلى مقدار ثلاثة أيام قبل
عرفة فيصومه حينئذ لتقع الأيام مصومة في الحج ، ويخلو يوم
عرفة عن الصوم .
وهذه المسألة تنبني عندي على أصل ; وهو ما المراد بقوله تعالى : {
في الحج } فإنه يحتمل أيام الحج ، ويحتمل موضع الحج ; فإن كان المراد به أيام الحج فهذا القول صحيح ; لأن آخر أيام الحج يوم النحر ، ويحتمل أن يكون آخر أيام الحج أيام الرمي ; لأن الرمي من عمل الحج خالصا ، وإن لم يكن من أركانه .
وإن كان المراد به موضع الحج صامه ما دام
بمكة في أيام
منى ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة ، ويقوى جدا ، وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة قال : أخبرني أبي قال : " كانت
عائشة تصوم أيام
منى ، وكان أبي يصومها " ، وروى
الزهري عن
عروة عن
عائشة ، وعن
سالم عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قالا : " لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي " . خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
والمعنى في ذلك ، والله أعلم ; لأنه لم يبق من إقامته إلا بمقدارها ; يؤكده قوله تعالى : {
وسبعة إذا رجعتم } لو كان المراد به أيام الحج لقال : إذا أحللتم أو فرغتم ، فكان معنى قوله تعالى : {
إذا رجعتم } أي : عن موضع الحج بإتمام أفعاله . وبذلك يتحقق وجوب الصوم لعدم الهدي كما بيناه من قبل .
فإن قيل : فقد روي في الصحيح {
nindex.php?page=hadith&LINKID=8926أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث مناديا ينادي أن أيام منى أيام أكل وشرب } .
قلنا : إن ثبت النهي عاما فقد جاء الخبر الصحيح بالتخصيص للمتمتع كما قدمناه .