صفحة جزء
المسألة الثانية { لا يحل لك النساء من بعد }

اعلموا وفقكم الله أن كلمة " بعد " ظرف بني على الضم هاهنا ، لما اقترن به من الحذف ، فصار بهذه الدلالة كأنه بعض كلمة ، فربط على حرف واحد ليتبين ذلك .

[ ص: 608 ] واختلف العلماء في تعيين المحذوف على ثلاثة أقوال :

الأول : لا يحل لك النساء من بعد من عندك ، منهن اللواتي اخترنك على الدنيا فقصر عليهن من أجل اختيارهن له ; قاله ابن عباس .

الثاني : من بعد ما أحللنا لك ، وهي الآية المتقدمة ; قاله أبي بن كعب .

الثالث : لا يحل لك نكاح غير المسلمات ; قاله سعيد بن جبير ، وعكرمة ، ومجاهد .

المسألة الثالثة : في التنقيح : أما قول مجاهد وغيره بأن المعنى لا يحل لك نكاح غير المسلمات فداخل تحت قول أبي بن كعب ; لأن الآية لا تحتمل إلا قولين : أحدهما قول ابن عباس ، والثاني قول أبي بن كعب .

فإذا قلنا بقول أبي ، وحكمنا أن المراد بالآية لا يحل لك النساء من بعد ما أحللنا لك من أزواجك اللاتي آتيت أجورهن قرابتك المؤمنات المهاجرات ، والواهبة نفسها بقي على التحريم من عداهن .

والآية محتملة لقول ابن عباس وأبي ، ويقوى في النفس قول ابن عباس والله أعلم كيف وقع الأمر .

وقد اختلف العلماء في ذلك ; فقالت عائشة ، وأم سلمة : لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء ، وبه قال ابن عباس ، والشافعي وجماعة ، وكأن الله لما أحل له النساء حتى الموت قصر عليهن كما قصرن عليه قاله ابن عباس في روايته ، وأبو حنيفة ، وجماعة وجعلوا حديث عائشة سنة ناسخة ، وهو حديث واه ، ومتعلق ضعيف ، وقد بيناه في القسم الثاني من الناسخ والمنسوخ ; فتم تمام القول وبيانه .

التالي السابق


الخدمات العلمية