المسألة الثالثة : قوله : {
بيوت النبي } صلى الله عليه وسلم : هذا يقتضي أن البيت بيت الرجل إذ جعله مضافا إليه .
فإن قيل : فقد قال : {
واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة } .
قلنا : إضافة البيوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم إضافة ملك ، وإضافة البيوت إلى الأزواج إضافة محل ; بدليل أنه جعل فيها الإذن للنبي صلى الله عليه وسلم ، والإذن إنما يكون للمالك ، وبدليل
[ ص: 613 ] قوله : {
إن ذلكم كان يؤذي النبي } صلى الله عليه وسلم وكذلك يؤذي أزواجه ، ولكن لما كان البيت بيت النبي صلى الله عليه وسلم والحق حق النبي صلى الله عليه وسلم أضافه إليه .
وقد اختلف العلماء في
بيوت النبي صلى الله عليه وسلم إذ كن يسكن فيها ، هل هن ملك لهن أم لا ؟ فقالت طائفة : كانت ملكا لهن بدليل أنهن سكن فيها بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم إلى وفاتهن ; وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وهب لهن ذلك في حياته .
وقالت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : لم يكن ذلك لهن هبة ، وإنما كان إسكانا ، كما يسكن الرجل أهله ، وتمادى سكناهن بها إلى الموت لأحد وجهين : إما لأن عدتهن لم تنقض إلا بموتهن ، وإما لأن النبي صلى الله عليه وسلم استثنى ذلك لهن مدة حياتهن ، كما استثنى نفقاتهن بقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34278ما تركت بعد نفقة عيالي ومؤنة عاملي فهو صدقة } .
فجعلها النبي صلى الله عليه وسلم صدقة بعد نفقة العيال ; والسكنى من جملة النفقات ، فإذا متن رجعت مساكنهن إلى أصلها من بيت المال ، كرجوع نفقاتهن .
والدليل القاطع لذلك أن ورثتهن لم يرثوا عنهن شيئا من ذلك ، ولو كانت المساكن ملكا لهن لورث ذلك ورثتهن عنهن ، فلما ردت منازلهن بعد موتهن في المسجد الذي تعم منفعته جميع المسلمين دل ذلك على أن سكناهن إنما كانت متاعا لهن إلى الممات ، ثم رجعت إلى أصلها في منافع المسلمين .
المسألة الرابعة : قوله : {
إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه }
وقد تقدم القول في الإذن وأحكامه في سورة النور .