صفحة جزء
المسألة الثالثة : في ذكر صلاة الخلق عليه :

وفي ذلك روايات مختلفة عن جماعة من الصحابة أوردناها في كتاب مختصر النيرين في شرح الصحيحين ; فمن ذلك ثمان روايات : [ ص: 621 ] الأولى : روى مالك في الموطأ عن أبي حميد الساعدي { أنهم قالوا : يا رسول الله ; كيف نصلي عليك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته ، كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد } .

الثانية : روى مالك عن أبي مسعود الأنصاري قال : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس سعد بن عبادة ، فقال بشير بن سعد : { أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله ، فكيف نصلي عليك ؟ قال : فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله ، ثم قال : قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم في العالمين ، إنك حميد مجيد ، والسلام كما قد علمتم } .

الثالثة : روى النسائي عن طلحة مثله بإسقاط قوله : في العالمين ، وقوله : والسلام كما قد علمتم .

الرابعة : عن كعب بن عجرة قال عبد الرحمن بن أبي ليلى : تلقاني كعب بن عجرة ، فقال : ألا أهدي لك هدية ؟ قلت : بلى . قال : { خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : يا رسول الله ; هذا السلام عليك قد علمناه ، فكيف الصلاة عليك ؟ قال : قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد ، وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد } .

الخامسة : عن بريدة الخزاعي قال : { قلنا يا رسول الله ; قد علمنا كيف السلام [ ص: 622 ] عليك ، فكيف الصلاة عليك ؟ قال قولوا : اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على محمد وعلى آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد } .

السادسة : عن أبي سعيد الخدري قال : { قلنا : يا رسول الله ، قد علمنا هذا السلام عليك ، فكيف الصلاة عليك ؟ قال : قولوا : اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ، كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم } .

السابعة : روى أبو داود عن أبي هريرة قال : { من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل : اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين ، وذريته وأهل بيته ، كما صليت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد } .

الثامنة : من طريق علي بن أبي طالب رضي الله عنه : { اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد ، وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم ترحم على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم وتحنن على محمد وعلى آل محمد كما تحننت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم سلم على محمد وعلى آل محمد كما سلمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ; إنك حميد مجيد } .

المسألة الرابعة : من هذه الروايات صحيح ، ومنها سقيم ، وأصحها ما روي عن مالك فاعتمدوه .

ورواية من روى غير مالك من زيادة الرحمة مع الصلاة وغيرها لا يقوى ; وإنما على الناس أن ينظروا في أديانهم نظرهم في أموالهم ، وهم لا يأخذون في البيع دينارا معيبا ، وإنما يختارون السالم الطيب ; كذلك في الدين لا يؤخذ من الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 623 ] إلا ما صح سنده لئلا يدخل في خبر الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينما هو يطلب الفضل إذا به قد أصاب النقص ، بل ربما أصاب الخسران المبين .

التالي السابق


الخدمات العلمية