صفحة جزء
الآية الثانية والعشرون قوله تعالى : { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما } .

فيها ست مسائل : [ ص: 625 ] المسألة الأولى : روي { أن عمر رضي الله عنه بينما هو يمشي بسوق المدينة مر على امرأة مخترمة بين أعلاج قائمة بسوق بعض السلع ، فجلدها ، فانطلقت حتى أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، جلدني عمر بن الخطاب على غير شيء رآه مني ، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما حملك على جلد ابنة عمك ؟ فأخبره خبرها ، فقال : وابنة عمي هي يا رسول الله ، أنكرتها إذ لم أر عليها جلبابا فظننتها وليدة فقال الناس : الآن ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها . قال عمر : وما نجد لنسائنا جلابيب ، فأنزل الله تعالى : { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن } } .

المسألة الثانية : اختلف الناس في الجلباب على ألفاظ متقاربة ، عمادها أنه الثوب الذي يستر به البدن ، لكنهم نوعوه هاهنا ، فقد قيل : إنه الرداء . وقيل : إنه القناع .

المسألة الثالثة : قوله تعالى : { يدنين عليهن }

قيل : معناه تغطي به رأسها فوق خمارها .

وقيل : تغطي به وجهها حتى لا يظهر منها إلا عينها اليسرى .

المسألة الرابعة : والذي أوقعهم في تنويعه أنهم رأوا الستر والحجاب مما تقدم بيانه ، واستقرت معرفته ، وجاءت هذه الزيادة عليه ، واقترنت به القرينة التي بعده ، وهي مما تبينه ، وهو قوله تعالى : { ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين } .

والظاهر أن ذلك يسلب المعرفة عند كثرة الاستتار ، فدل ، وهي :

المسألة الخامسة : على أنه أراد تمييزهن على الإماء اللاتي يمشين حاسرات ، أو بقناع مفرد ، يعترضهن [ ص: 626 ] الرجال فيتكشفن ، ويكلمنهن ; فإذا تجلببت وتسترت كان ذلك حجابا بينها وبين المتعرض بالكلام ، والاعتماد بالإذاية ، وقد قيل : وهي :

المسألة السادسة : إن المراد بذلك المنافقون .

قال قتادة : كانت الأمة إذا مرت تناولها المنافقون بالإذاية ، فنهى الله الحرائر أن يتشبهن بالإماء ; لئلا يلحقهن مثل تلك الإذاية .

وقد روي أن عمر بن الخطاب كان يضرب الإماء على التستر وكثرة التحجب ، ويقول : أتتشبهن بالحرائر ؟ وذلك من ترتيب أوضاع الشريعة بين .

التالي السابق


الخدمات العلمية