المسألة الرابعة قوله : {
إذ دخلوا على داود } : قيل : إنهما كانا إنسيين ; قاله
النقاش . وقيل : ملكين ; قاله جماعة .
[ ص: 39 ]
وعينهما جماعة ، فقالوا : إنهما كانا
جبريل وميكائيل ، وربك أعلم في ذلك بالتفصيل ، بيد أني أقول لكم قولا تستدلون به على الغرض ; وذلك أن محراب
داود كان من الامتناع بالارتفاع بحيث لا يرقى إليه آدمي بحيلة إلا أن يقيم إليه أياما أو أشهرا بحسب طاقته ، مع أعوان يكثر عددهم ، وآلات جمة مختلفة الأنواع .
ولو قلنا إنه يوصل إليه من باب المحراب لما قال الله تعالى مخبرا عن ذلك : {
تسوروا المحراب } ; إذ لا يقال تسور المحراب والغرفة لمن طلع إليها من درجها ، وجاءها من أسفلها ، إلا أن يكون ذلك مجازا . وإذا شاهدت الكوة التي يقال إنه دخل منها الخصمان علمت قطعا أنهما ملكان ; لأنها من العلو بحيث لا ينالها إلا علوي ، ولا نبالي من كانا فإنه لا يزيدك بيانا ، وإنما الحكم المطلوب وراء ذلك .