الآية الخامسة قوله تعالى : {
والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون } .
فيها مسألتان : المسألة الأولى : ذكر الله
الانتصار في البغي في معرض المدح ، وذكر
العفو عن الجرم في موضع آخر في معرض المدح ; فاحتمل أن يكون أحدهما رافعا للآخر ، واحتمل أن يكون ذلك راجعا إلى حالتين : إحداهما أن يكون الباغي معلنا بالفجور ، وقحا في الجمهور ، مؤذيا للصغير والكبير ، فيكون الانتقام منه أفضل . وفي مثله قال
إبراهيم النخعي : يكره للمؤمنين أن يذلوا أنفسهم ، فيجترئ عليهم الفساق .
الثاني : أن تكون الفلتة ، أو يقع ذلك ممن يعترف بالزلة ، ويسأل المغفرة ، فالعفو هاهنا أفضل ، وفي مثله نزلت : {
وأن تعفوا أقرب للتقوى } وقوله تعالى : {
فمن تصدق به فهو كفارة له } . وقوله : {
وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم } . المسألة الثانية : قال
السدي : إنما مدح الله من انتصر ممن بغى عليه من غير اعتداء بالزيادة على مقدار ما فعل به يعني كما كانت
العرب تفعله ; ويدل عليه قوله تعالى : {
وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله } فبين في آخر الآية المراد منها ، وهو أمر محتمل . والأول أظهر وهي الآية السادسة .