صفحة جزء
المسألة الثانية قال قوم : إن قوله : { أو أثارة من علم } يعني بذلك علم الخط ، وهو الضرب في التراب لمعرفة الكوائن في المستقبل أو فيما مضى مما غاب عن الضارب ، وأسندوا ذلك عن ابن عباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصح .

وفي مشهور الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { كان نبي من الأنبياء يخط ، فمن وافق خطه فذلك } ولم يصح أيضا .

واختلفوا في تأويله ، فمنهم من قال : إنه جاء لإباحة الضرب به ; لأن بعض الأنبياء كان يفعله ، ومنهم من قال : جاء للنهي عنه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { فمن وافق [ ص: 105 ] خطه فذلك } . ولا سبيل إلى معرفة طريق النبي المتقدم فيه فإذا لا سبيل إلى العمل به :

لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى ولا زاجرات الطير ما الله صانع

وحقيقته عند أربابه ترجع إلى صور الكواكب ، فيدل ما يخرج منها على ما تدل عليه تلك الكواكب من سعد أو نحس يحل بهم ، فصار ظنا مبنيا على ظن ، وتعلقا بأمر غائب قد درست طريقه ، وفات تحقيقه ، وقد نهت الشريعة عنه ، وأخبرت أن ذلك مما اختص الله به ، وقطعه عن الخلق ، وإن كانت لهم قبل ذلك أسباب يتعلقون بها في درك الغيب ; فإن الله تعالى قد رفع تلك الأسباب ، وطمس تلك الأبواب ، وأفرد نفسه بعلم الغيب ; فلا يجوز مزاحمته في ذلك ، ولا تحل لأحد دعواه ، وطلبه عناء لو لم يكن فيه نهي ، فإذ قد ورد النهي فطلبه معصية أو كفر بحسب قصد الطالب .

التالي السابق


الخدمات العلمية