وأما من قال : إنه
أمر بالتوضؤ [ بالقرآن ] إذا أراد أحد أن يمس صحفه ، فإنهم اختلفوا ; فمنهم من قال : إن لفظه لفظ الخبر ومعناه الأمر ، وقد بينا فساد ذلك في كتب الأصول ، وفيما تقدم من كلامنا في هذا الكتاب ، وحققنا أنه خبر عن الشرع ، أي لا يمسه إلا المطهرون شرعا ، فإن وجد بخلاف ذلك فهو غير الشرع .
وأما من قال : إن معناه لا يجد طعمه إلا المطهرون من الذنوب التائبون العابدون فهو صحيح ، اختاره
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ; قال النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36429ذاق طعم الإسلام من رضي بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا } ; لكنه عدول عن الظاهر لغير ضرورة عقل ولا دليل سمع .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وغيره أن في كتاب
عمرو بن حزم الذي كتبه له رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسخته {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37408 : من محمد النبي إلى شرحبيل بن عبد كلال ، والحارث بن عبد كلال ، ونعيم بن عبد كلال ، قيل ذي رعين ومعافر وهمدان : أما بعد وكان في كتابه ألا يمس القرآن إلا طاهر } .
وقد روي أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب دخل على أخته وزوجها
nindex.php?page=showalam&ids=85سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، وهما يقرآن طه ، فقال : ما هذه الهينمة ، وذكر الحديث إلى أن قال : هاتوا الصحيفة . فقالت له أخته : إنه
لا يمسه إلا المطهرون فقام واغتسل وأسلم . وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق يرثي النبي صلى الله عليه وسلم :
[ ص: 147 ] فقدنا الوحي إذ وليت عنا وودعنا من الله الكلام سوى ما قد تركت لنا قديما
توارثه القراطيس الكرام
وأراد صحف القرآن التي كانت بأيدي المسلمين التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يمليها على كتبته .
وقد قال أهل
العراق منهم
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي . ولا يمس القرآن إلا طاهر .
واختلفت الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ; فروي عنه أنه يمسه المحدث ، وروي عنه أنه يمس ظاهره وحواشيه وما لا مكتوب فيه . وأما الكتاب فلا يمسه إلا المطهرون . وهذا إن سلم مما يقوي الحجة عليه ; لأن حريم الممنوع ممنوع ، وفيما كتبه النبي صلى الله عليه وسلم
لعمرو بن حزم أقوى دليل عليه . والله أعلم .