صفحة جزء
المسألة السادسة والعشرون اختلف علماؤنا هل المعتبر في الكفارة حال الوجوب أو حال الأداء ؟ فقال الشافعي : يعتبر حال الأداء في أحد قولين . وقاله مالك في أحد قوليه أيضا . والثاني الاعتبار بحال الوجوب . والأول أشهر ; وهو قول أبي حنيفة .

وظاهر قول الله سبحانه : { ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة } [ فيه ] يرتبط الوجوب بالعود ، وفيه يرتبط كيفما كانت حالة الارتباط ، بيد أنه للمسألة حرف جرى في ألسنة علمائنا من غير قصد ، وهو مقصود المسألة ; وذلك أن المعتبر في الكفارة صفة العبادة أو صفة العقوبة . والشافعي اعتبر صفة العقوبة ; ونحن اعتبرنا صفة القربة ، وقد بينا ذلك في مسائل الخلاف ; فإذا كان المعتبر صفة القربة فالقرب إنما يعتبر في حال الإجزاء خاصة بحال الأداء كالطهارة والصلاة ، والذي يعتبر فيه حالة الوجوب هي الحدود .

فإن قيل : إذا وجبت الصلاة عليه قائما ، ثم عجز فقعد فيها فهذا من المغاير للقربة في الهيئات ، بخلاف العتق والصوم فإنهما جنسان ، وعليه عول أبو المعالي .

قلنا : إن كان العتق والصوم جنسين فإن القيام والقعود ضدان ، فالخروج من جنس إلى جنس أقرب من العدول من ضد إلى ضد . [ ص: 164 ]

فإن قيل : الطهارة ليست مقصودة لنفسها ، وإنما تراد للصلاة ; فاعتبر حال فعل الصلاة فيها .

قلنا : وكذلك الكفارة ليست مقصودة لنفسها ، وإنما تراد لحل المسيس ; فإذا احتيج إلى المسيس اعتبرت الحالة المذكورة فيها .

التالي السابق


الخدمات العلمية