صفحة جزء
المسألة الثالثة عشرة قوله تعالى : { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله } دليل على أن الجمعة لا تجب إلا بالنداء ، والنداء لا يكون إلا بعد دخول الوقت .

وقد روي عن أبي بكر الصديق وأحمد بن حنبل أنها تصلى قبل الزوال ; وتعلق في ذلك بحديث سلمة بن الأكوع { : كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم ننصرف ، وليس للحيطان ظل . } وبحديث ابن عمر : { ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة . } وقد كان عمر بن الخطاب لا يخرج إلى الجمعة حتى يغشى ظل الجدار الغربي طنفسة عقيل بن أبي طالب التي كانت تطرح له عند الجدار ، وذلك بعد الزوال . وحديث سلمة محمول على التبكير بالجمعة ، وحديث ابن عمر دليل على أنهم كانوا يبكرون إلى الجمعة تبكيرا كثيرا عند الغداة وقبلها فلا يتناولون ذلك إلا بعد انقضاء الصلاة .

وقد رأى مالك أن التبكير إلى الجمعة إنما يكون وقت الزوال بيسير . وتأول قول النبي صلى الله عليه وسلم { : من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن } الحديث أنه كله في ساعة واحدة وحمله سائر العلماء على ساعات النهار الزمانية الاثنتي عشرة ساعة المستوية أو المختلفة بحسب زيادات النهار ونقصانه . وهو أصح ; لحديث ابن عمر : { ما كانوا يقيلون ولا يتغدون إلا بعد الجمعة } يريد لكثرة البكور إليها .

التالي السابق


الخدمات العلمية