الآية الثالثة قوله تعالى : {
وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين } . فيها مسألتان : المسألة الأولى روى
الترمذي وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال :
من كان له مال يبلغه حج بيت ربه ، أو تجب فيه الزكاة فلم يفعل شيئا سأل الرجعة عند الموت . فقال رجل : يا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ; اتق الله ; إنما سأل الرجعة الكفار . قال : سأتلو عليك بذلك قرآنا : {
يأيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون } قال :
فما يوجب الزكاة ؟ قال : إذا بلغ المال مائتي درهم فصاعدا . قال :
فما يوجب الحج ؟ قال : الزاد والبعير .
المسألة الثانية أخذ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بعموم الآية في
الإنفاق الواجب خاصة دون النفل .
وهو الصحيح ; لأن الوعيد إنما يتعلق بالواجب دون النفل .
وأما تفسيره بالزكاة فصحيح كله عموما وتقديرا بالمائتين .
وأما القول في الحج ففيه إشكال ; لأنا إن قلنا : إن الحج على التراخي ففي المعصية في الموت قبل أدائه خلاف بين العلماء بيناه في أصول الفقه ، فلا تخرج الآية عليه .
[ ص: 222 ]
وإن قلنا : إن الحج على الفور فالآية على العموم صحيح ; لأن من وجب عليه الحج فلم يؤده لقي من الله ما يود أنه رجع ليأتي بما ترك من العبادات .
وأما تقدير الأمر بالزاد والراحلة ففي ذلك خلاف بين العلماء ، وليس لكلام
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فيه مدخل ، لأجل أن الرجعة والوعيد لا يدخل في المسائل المجتهد فيها والمختلف عليها ; وإنما يدخل في المتفق عليه .
والصحيح تناوله للواجب من الإنفاق كيف تصرف بالإجماع أو بنص القرآن ، لأجل أن ما عدا ذلك لا يتطرق إليه تحقيق الوعيد .