[ ص: 401 ] سورة تبت [ وفيها ثلاث مسائل ] . المسألة الأولى في سبب نزولها : روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
nindex.php?page=showalam&ids=16718عمرو بن مرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير [ عنه ] قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33392لما نزلت : { وأنذر عشيرتك الأقربين } ورهطك منهم المخلصين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا وهتف : يا صباحاه فقالوا : من هذا ؟ فاجتمعوا إليه ، فقال : أنا نذير لكم بين يدي عذاب شديد ، أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج من سفح هذا الجبل ، وأن العدو مصبحكم أو ممسيكم ، أكنتم مصدقي ؟ قالوا : ما جربنا عليك كذبا . قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد . فقال أبو لهب : ألهذا جمعتنا ؟ تبا لك ، فأنزل الله عز وجل : { تبت يدا أبي لهب وتب } . إلى آخرها } .
هكذا قرأها
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش علينا يومئذ ، زاد
الحميدي وغيره : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=24718فلما سمعت امرأته ما نزل في زوجها وفيها من القرآن ، أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد عند الكعبة ، ومعه أبو بكر رضي الله عنه وفي يدها فهر من حجارة ، فلما وقفت عليه أخذ الله ببصرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تر إلا أبا بكر . فقالت : يا أبا بكر ، أين صاحبك ؟ فقد بلغني أنه يهجوني ، فوالله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه ، والله إني لشاعرة :
مذمما عصينا وأمره أبينا ودينه قلينا
ثم انصرفت . فقال أبو بكر : يا رسول الله ، أما تراها رأتك ؟ قال : ما رأتني ، لقد أخذ الله ببصرها عني } .
وكانت
قريش إنما تسمي النبي صلى الله عليه وسلم مذمما ، ثم يسبونه ، فكان يقول : ألا تعجبون لما يصرف الله عني من أذى
قريش يسبون ويهجون مذمما وأنا
محمد .
[ ص: 402 ]
المسألة الثانية
قوله : { تبت يدا أبي لهب وتب } : اسمه
عبد العزى ، واسم امرأته
العوراء أم جميل ، أخت أبي سفيان بن حرب ، فظن قوم أن هذا دليل على جواز تكنية المشرك ، حسبما بيناه في سورة طه في قوله : {
فقولا له قولا لينا } " يعني كنياه على أحد الأقوال .
وهذا باطل ; إنما كناه الله تعالى عند العلماء بمعان أربعة : الأول أنه [ لما ] كان اسمه
عبد العزى ، فلم يضف الله العبودية إلى صنم في كتابه الكريم .
الثاني : أنه كان تكنيته أشهر منه باسمه ; فصرح به .
الثالث أن الاسم أشرف من الكنية ، فحطه الله عن الأشرف إلى الأنقص ; إذ لم يكن بد من الخيار عنه ، ولذلك دعا الله أنبياءه بأسمائهم ، ولم يكن عن أحد منهم .
ويدلك على شرف الاسم [ على الكنية ] أن الله يسمي ولا يكني وإن كان ذلك لظهوره وبيانه واستحالة نسبة الكنية إليه لتقدسه عنها .
الرابع أن الله تعالى أراد أن يحقق نسبه بأن يدخله النار ، فيكون أبا لها ، تحقيقا للنسب ، وإمضاء للفأل والطيرة التي اختار لنفسه [ لذلك ] .
وقد قيل : إن أهله إنما كانوا سموه
أبا لهب لتلهب وجهه وحسنه ; فصرفهم الله عن أن يقولوا له : أبو نور ، وأبو الضياء ، الذي هو مشترك بين المحبوب والمكروه وأجرى على ألسنتهم أن يضيفوه إلى اللهب الذي هو مخصوص بالمكروه والمذموم ، وهو النار ، ثم تحقق ذلك فيه بأن جعلها مقره .
المسألة الثالثة مرت في هذه السورة قراءتان : إحداهما قوله : " وأنذر عشيرتك الأقربين . ورهطك منهم المخلصين " . والثانية قوله تعالى : تبت يدا أبي لهب وقد تب .
وهما شاذتان ، وإن كان العدل رواهما عن العدل ، ولكنه كما بينا لا يقرأ إلا بما بين الدفتين واتفق عليه أهل الإسلام .