المسألة الحادية عشرة : {
ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا } : قال قوم : يعني من
الصداق ; وعندي أنه من كل شيء أعطاها ; فإن الصداق وإن كان نحلة شرطية فما نحلها بعده مثله ; لكونه نحلة عن نية ، عام في كل حالة من نكاح أو طلاق ، عام في كل وجه من ابتداء أخذ الزوج له أو إعطائها هي إياه له على الخلاص من نكاحه .
المسألة الثانية عشرة : قوله تعالى : {
إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله } وفي ذلك تأويلات كلها أباطيل ، وإنما المراد به أن يظن كل واحد منهما بنفسه ألا يقيم حق النكاح لصاحبه حسبما يجب عليه فيه لكراهية يعتقدها ، فلا حرج على المرأة أن تفتدي ولا على الزوج أن يأخذ .
وقد أكد الله تعالى المنع حالة الفراق بقوله تعالى : {
وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا } وذلك لأنها حالة تشره النفوس فيها إلى أن يأخذ الزوج
ما نحله الزوجة في حالة النكاح ; إذ يخطر له أنك إنما كنت أعطيت على النكاح ، وقد فارقت فأنت معذور في أخذك ; فمنع الله تعالى ذلك بقوله : {
ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن } وجوزه عند مسامحة المرأة به فقال تعالى : {
فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه } وحلل أخذ النصف بوقوع الفراق قبل الدخول بقوله تعالى : {
وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } وطيبه عند عفوها أو عفو صاحب العقدة عن جميعه ، فقال تعالى : {
إلا أن [ ص: 264 ] يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } على ما يأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى .