صفحة جزء
المسألة الثانية : هذا لفظه لفظ الخبر ، ومعناه أيضا معنى الخبر كما تقدم .

المعنى : { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } يعني شرعا ; فما وجد من [ ص: 280 ] متوفى عنها زوجها لم تتربص فليس ذلك من الشرع " فجرى الخبر على لفظه ، وثبت كلام الله سبحانه على صدقه ، كما تقدم في التربص بالقرء . والله أعلم .

المسألة الثالثة : التربص : هو الانتظار ، ومتعلقه ثلاثة أشياء : النكاح ، والطيب والتنظف ، والتصرف والخروج .

أما النكاح ، فإذا وضعت المتوفى عنها زوجها ولو بعد وفاته بلحظة اختلف الناس فيها على ثلاثة أقوال :

الأول : أنها قد حلت .

الثاني : أنها لا تحل إلا بانقضاء الأشهر ; قاله ابن عباس .

الثالث : أنها لا تحل إلا بعد الطهر من النفاس ; قاله الحسن وحماد بن أبي سليمان والأوزاعي .

وقد كان قول ابن عباس ظاهرا لولا حديث { سبيعة الأسلمية أنها وضعت بعد وفاة زوجها بليال ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : قد حللت ، فانكحي من شئت } صحت رواية الأئمة له والذي عندي أن هذا الحديث لو لم يكن لما صح رأي ابن عباس في آخر الأجلين ; لأن الحمل إذا وضع فقد سقط الأجل بقوله تعالى : { أجلهن أن يضعن حملهن } وسقط المعنى الموضوع لأجله الأجل ، وهو مخافة شغل الرحم ; فأي فائدة في الأشهر ؟ وإذا تمت الأشهر وبقي الحمل فليس يقول أحد : إنها تحل ; وهذا يدلك على أن حديث سبيعة جلاء لكل غمة ، وعلا على كل رأي وهمة .

وأما قول الأوزاعي فيرده قوله تعالى : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } ولم يشترط الطهارة .

فإن قيل : المراد بقوله تعالى : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } [ ص: 281 ] المطلقات ; لأنه فيهن ورد ، وعلى ذكرهن انعطف . قلنا : عطفه على المطلقة لا يسقط عمومه ، ويشهد له ما بيناه من الحكمة في إيجاب العدة من براءة الرحم ، وأنها قد وجدت قطعا .

التالي السابق


الخدمات العلمية