المسألة الرابعة : قوله تعالى : {
أو أكننتم في أنفسكم } يعني : سترتم وأخفيتم في قلوبكم من ذكرهن ، والعزيمة على نكاحهن ; فرفع الله تعالى الحرج في ذلك ; لعلمه بأنه لا بد منه تفضلا منه حين علم أنه لا بد من ذكرهن ، ثم قال تعالى وهي :
المسألة الخامسة : {
ولكن لا تواعدوهن سرا } المعنى قد منعتم
التصريح بالنكاح وعقده ، وأذن لكم في التعريض ; فإياكم أن يقع بينكم مواعدة في النكاح ، حين منعتم العقد فيه .
وقد اختلف العلماء في السر المراد هاهنا على ثلاثة أقوال :
الأول : أنه الزنا .
الثاني : الجماع .
الثالث : التصريح .
واختار
الطبري أنه الزنا ; لقول
الأعشى :
[ ص: 288 ] فلا تقربن جارة إن سرها عليك حرام فانكحن أو تأبدا
والسر في اللغة يتصرف على معان :
أحدها : ما تكلم به في سره وأخفى منه ما أضمر .
الثاني : سر الوادي أي شطه .
الثالث : سر الشيء : خياره .
الرابع : أنه الزنا .
الخامس : أنه الجماع .
السادس : أنه فرج المرأة .
السابع : سرر الشهر : ما استسر الهلال فيه من لياليه .
وهذه الإطلاقات يدخل بعضها على بعض ، ويرجع المعنى إلى الخفاء ، فيعم به تارة ويخص أخرى ، وترى سر الشيء خياره إنما هو لأنه يخفى ويضن به ، وترى أن سر الوادي شطه ; لأنه أشرفه ; لأن حسن الوادي إنما يكون بالجلوس عليه لا فيه ، ومنه سميت السرية لأنها تتخذ للوطء ، إذ الخدم يتخذون للتصرف والوطء ، فسميت المتخذة للوطء سرية من السرور ، ومنه سمي فرج المرأة سرا لأنه موضعه .
فالمعنى هاهنا : لا تواعدوهن نكاحا ولا وطئا ، فهو الذي حرم عليكم في العدة ، لأنه حرم عليهن
النكاح في العدة إلى وقت محرم عليهن ضرب الوعد فيه ; وهذا بين لمن تأمله .