الآية الرابعة والثمانون قوله تعالى : {
إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير }
فيها مسألتان : المسألة الأولى :
اختلف الناس في الآية على قولين : أحدهما : أنها صدقة الفرض .
الثاني : أنها صدقة التطوع .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في الآية : جعل الله تعالى
صدقة السر في التطوع تفضل صدقة العلانية بسبعين ضعفا ، وجعل
صدقة العلانية في الفرض تفضل صدقة السر بخمسة وعشرين ضعفا .
[ ص: 315 ] المسألة الثانية : أما صدقة الفرض فلا خلاف أن إظهارها أفضل ، كصلاة الفرض وسائر فرائض الشريعة ; لأن المرء يحرز بها إسلامه ، ويعصم ماله .
وليس في تفضيل صدقة العلانية على السر ولا في تفضيل صدقة السر على العلانية حديث صحيح يعول عليه ، ولكنه الإجماع الثابت .
فأما صدقة النفل فالقرآن صرح بأنها في السر أفضل منها في الجهر ; بيد أن علماءنا قالوا : إن هذا على الغالب مخرجه .
والتحقيق فيه أن الحال في الصدقة تختلف بحال المعطي لها ، والمعطى إياها ، والناس الشاهدين لها .
أما المعطي فله فائدة إظهار السنة وثواب القدرة ، وآفتها الرياء والمن والأذى .
وأما المعطى إياها فإن السر أسلم له من احتقار الناس له أو نسبته إلى أنه أخذها مع الغنى عنها وترك التعفف .
وأما حال الناس فالسر عنهم أفضل من العلانية لهم ، من جهة أنهم ربما طعنوا على المعطي لها بالرياء ، وعلى الآخذ لها بالاستثناء ; ولهم فيها تحريك القلوب إلى الصدقة ، لكن هذا اليوم قليل .