الآية السادسة والعشرون قوله تعالى : {
يأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون } فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى : في شرح ألفاظها :
الصبر : عبارة عن حبس النفس عن شهواتها ،
والمصابرة : إدامة مخالفتها في ذلك ; فهي تدعو وهو ينزع .
والمرابطة : العقد على الشيء حتى لا يبخل فيعود إلى ما كان صبر عنه .
المسألة الثانية : في الأقوال : فيها ثلاثة أقوال :
الأول : اصبروا على دينكم ، وصابروا وعدي لكم ، ورابطوا أعداءكم .
الثاني : اصبروا على الجهاد ، وصابروا العدو ، ورابطوا الخيل .
الثالث : مثله إلا قوله : رابطوا فإنه أراد بذلك رابطوا الصلوات .
المسألة الثالثة : في حقيقة ذلك : وهو أن الصبر : حبس النفس عن مكروهها المختص بها والمصابرة : حمل مكروه يكون بها وبغيرها ; الأول كالمرض ، والثاني كالجهاد .
[ ص: 400 ] والرباط : حمل النفس على النية الحسنة والجسم على فعل الطاعة ، ومن أعظمه ارتباط الخيل في سبيل الله ، وارتباط النفس على الصلوات ، على ما جاء في الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14170الخيل ثلاثة : لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر ; فأما الذي هي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال لها في مرج أو روضة ، فما أصابت في طيلها ذلك من المرج أو الروضة كانت له حسنات . ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقيها كان ذلك حسنات فهي له أجر } . وذكر الحديث . وقال عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1633ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات : إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط ثلاثا } . فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن أولاه وأفضله في نوعي الطاعة المتعدي بالمنفعة إلى الغير وهو الأفضل ، وإلزام المختص بالفاعل وهو دونه ، وبعد ذلك تتفاضل العقائد والأعمال بحسب متعلقاتها ، وليس ذلك من الأحكام فنفيض منه .