المسألة الرابعة : قوله تعالى : {
للذكر مثل حظ الأنثيين } هذا القول يفيد أن الذكر إذا اجتمع مع الأنثى أخذ مثلي ما تأخذه الأنثى ، وأخذت هي نصف ما يأخذ الذكر ; وليس هذا بنص على الإحاطة بجميع المال ، ولكنه تنبيه قوي ; لأنه لولا أنهم يحيطون بجميع المال إذا انفردوا لما كان بيانا لسهم واحد منهم ، فاقتضى الاضطرار إلى بيان سهامهم الإحاطة بجميع المال إذا انفردوا ; فإذا انضاف إليهم غيرهم من ذوي السهام فأخذ سهمه كان الباقي أيضا معلوما ; فيتعين سهم كل واحد منهم فيه ، ووجب حمل هذا القول على العموم ، إلا أنه خص منه الأبوين بالسدس لكل واحد منهما ، والزوجين بالربع والثمن لهما على تفصيلهما ، وبقي العموم والبيان بعد ذلك على أصله .
المسألة الخامسة : قوله تعالى : {
في أولادكم } عام في الأعلى منهم والأسفل ; فإن استووا في الرتبة أخذوه بهذه القسمة ، وإن تفاوتوا فكان بعضهم أعلى من بعض حجب الأعلى الأسفل ; لأن الأعلى يقول : أنا ابن الميت ، والأسفل يقول : أنا ابن ابن الميت ، فلما استفلت درجته انقطعت حجته ; لأن الذي يدلي به يقطع به ، فإن كان الولد الأعلى ذكرا سقط الأسفل ، وإن كان الولد الأعلى أنثى أخذت الأنثى حقها ، وبقي الباقي لولد الولد إن كان ذكرا ، وإن كان ولد الولد أنثى أعطيت العليا النصف ، وأعطيت السفلى السدس تكملة الثلثين ; لأنا نقدرهما بنتين متفاوتتين في الرتبة ، فاشتركتا في الثلث بحكم البنتية ، وتفاوتتا في القسمة بتفاوت الدرجة ; وبهذه الحكمة جاءت السنة . وإن كان الولد الأعلى بنتين أخذتا الثلثين ، فإن كان الولد الأسفل أنثى لم يكن لها شيء إلا أن يكون بإزائها أو أسفل منها ذكر فإنها تأخذ معه ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين بإجماع الصحابة ، إلا ما يروى عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه قال : " إن كان الذكر من ولد الولد بإزائها رد عليها ، وإن كان أسفل منها لم يرد عليها شيئا " ، مراعيا في ذلك .
[ ص: 436 ] ظاهر قوله تعالى : {
فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك } فلم يجعل للبنات وإن كثرن شيئا إلا الثلثين ; وهذا ساقط ، فإن الموضع الذي قضينا فيه باشتراك بنت الابن مع ابن أخيها واشتراك ابن الابن مع عمته ليس حكما بالسهم الذي اقتضاه قوله تعالى : {
فلهن ثلثا ما ترك } وإنما هو قضاء بالتعصيب .
والدليل عليه اشتراكهما معه إذا كانتا بإزائه ، وإن كان ذلك زيادة على الثلثين ، وهذا قاطع جدا . ولو قال قائل : إنه لو وازاها ما رد عليها ، ولا شاركته مراعاة لهذا الظاهر لقيل له : لا حجة لك في هذا الظاهر ; لأن هذا حق أخذ بالسهم ، وهذا حق أخذ بالتعصيب ; وما يؤخذ بالتعصيب يجوز أن يزيد على الثلثين بخلاف السهم المفروض المعين ; ألا ترى أن رجلا لو
ترك عشر بنات وابنا واحدا ، لأخذت البنات أكثر من الثلثين ، ولكن ذلك لما كان بالتعصيب لم يقدح في الذي يجب بالسهم ; وفي ذلك تفصيل طويل بيانه في الفرائض .