المسألة السادسة : قوله تعالى : {
فاستشهدوا عليهن أربعة منكم } وهذا حكم ثابت بإجماع من الأمة ، قال تعالى : {
والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم } فشرط غاية الشهادة في غاية المعصية لأعظم الحقوق حرمة ، وتعديد الشهود بأربعة حكم ثابت في التوراة والإنجيل والقرآن ; روى
أبو داود عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=17558جاءت اليهود برجل وامرأة قد زنيا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ائتوني بأعلم رجلين منكم فأتوه بابني صوريا ، فنشدهما الله كيف تجدان أمر هذين في التوراة ؟ قالا : نجد في التوراة إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة رجما . قال : فما يمنعكما أن ترجموهما ؟ قالا : ذهب سلطاننا وكرهنا القتل . فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهود فجاءوا وشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمهما } .
المسألة السابعة : ولا بد
أن يكون الشهود عدولا ; لأن الله عز وجل شرط العدالة في البيوع والرجعة ، فهذا أعظم ، وهو بذلك أولى ، وهو من باب حمل المطلق على المقيد بالدليل ، حسبما بيناه في أصول الفقه .
[ ص: 460 ]
المسألة الثامنة : ولا يكونوا ذمة ، وإن كان الحكم على ذمة ، وسيأتي ذلك في سورة المائدة إن شاء الله تعالى .
المسألة التاسعة : فإن قيل : أليس القتل أعظم حرمة من الزنا ؟ وقد ثبت في الشرع بشاهدين ، فما هذا ؟ . قال علماؤنا : في ذلك حكمة بديعة ، وهو أن الحكمة الإلهية والإيالة الربانية اقتضت
الستر في الزنا بكثرة الشهود ; ليكون أبلغ في الستر ، وجعل ثبوت القتل بشاهدين ، بل بلوث وقسامة صيانة للدماء .
المسألة العاشرة : قوله تعالى : {
منكم } المراد به هاهنا الذكور دون الإناث ; لأنه سبحانه ذكر أولا {
من نسائكم } ثم قال : {
منكم } فاقتضى ذلك أن يكون الشاهد غير المشهود عليه ، ولا خلاف في ذلك بين الأمة .