المسألة الثانية : قوله تعالى : {
حكما من أهله وحكما من أهلها } : هذا نص من الله سبحانه في أنهما قاضيان لا وكيلان ، وللوكيل اسم في الشريعة ومعنى ، وللحكم اسم في الشريعة ومعنى ، فإذا بين الله سبحانه كل واحد منهما فلا ينبغي لشاذ فكيف لعالم أن يركب معنى أحدهما على الآخر ، فذلك تلبيس وإفساد للأحكام ، وإنما يسيران بإذن الله ، ويخلصان النية لوجه الله ، وينظران فيما عند الزوجين بالتثبت ، فإن رأيا للجمع وجها جمعا ، وإن وجداهما قد أنابا تركاهما ، كما روي أن
nindex.php?page=showalam&ids=222عقيل بن أبي طالب تزوج
فاطمة بنت عتبة بن ربيعة ، فقالت : اصبر لي
[ ص: 540 ] وأنفق عليك ، وكان إذا دخل عليها قالت : يا
بني هاشم ، لا يحبكم قلبي أبدا ، أين الذين أعناقهم كأباريق الفضة ، ترد أنوفهم قبل شفاههم ، أين
عتبة بن ربيعة ؟ أين
شيبة بن ربيعة ؟ فيسكت حتى دخل عليها يوما وهو برم . فقالت له : أين
عتبة بن ربيعة ؟ فقال : على يسارك في النار إذا دخلت ، فنشرت عليها ثيابها . فجاءت
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ، فذكرت له ذلك ; فأرسل
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=33ومعاوية . فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لأفرقن بينهما . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية : ما كنت لأفرق بين شيخين من
بني عبد مناف . فأتياهما فوجداهما قد سدا عليهما أبوابهما ، وأصلحا أمرهما . وفي رواية أنها لما أتيا اشتما رائحة طيبة وهدوا من الصوت فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية : ارجع فإني أرجو أن يكونا قد اصطلحا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أفلا نمضي فننظر أمرهما ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية : فنفعل ماذا ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أقسم بالله لئن دخلت عليهما فرأيت الذي أخاف عليهما منه لأحكمن عليهما ثم لأفرقن بينهما .
فإن وجداهما قد اختلفا سعيا في الألفة ، وذكر بالله تعالى وبالصحبة ; فإن أنابا وخافا أن يتمادى ذلك في المستقبل بما ظهر في الماضي ، فإن يكن ما طلعا عليه في الماضي يخاف منه التمادي في المستقبل فرقا بينهما . وقال جماعة منهم
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك وهي :
المسألة الثالثة : وقال
الحسن وابن زيد : هما شاهدان يرفعان الأمر إلى السلطان ، ويشهدان بما ظهر إليهما . وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي .
والذي صح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ما قدمنا من أنهما حكمان لا شاهدان . فإذا فرقا بينهما وهي :
[ ص: 541 ] المسألة الرابعة : تكون الفرقة كما قال علماؤنا لوقوع الخلل في مقصود النكاح من الألفة وحسن العشرة . فإن قيل : إذا ظهر الظلم من الزوج أو الزوجة فظهور الظلم لا ينافي النكاح ، بل يؤخذ من الظالم حق المظلوم ويبقى العقد . قلنا : هذا نظر قاصر ، يتصور في عقود الأموال ; فأما عقود الأبدان فلا تتم إلا بالاتفاق والتآلف وحسن التعاشر ; فإذا فقد ذلك لم يكن لبقاء العقد وجه ، وكانت المصلحة في الفرقة .