الآية الرابعة والثلاثون قوله تعالى : {
ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا } . فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى : في
سبب نزولها : يروى أنها نزلت في {
رجل من المنافقين نازع رجلا من اليهود ، فقال اليهودي : بيني وبينك أبو القاسم ، وقال المنافق : بيني وبينك الكاهن . وقيل : قال المنافق : بيني وبينك كعب بن الأشرف ، يفر اليهودي ممن يقبل الرشوة ويريد المنافق من يقبلها . ويروى أن اليهودي قال له : بيني وبينك أبو القاسم . وقال المنافق : بيني وبينك الكاهن ، حتى ترافعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحكم لليهودي على المنافق ، فقال المنافق : لا أرضى ، بيني وبينك أبو بكر ; فأتيا أبا بكر فحكم أبو بكر لليهودي . فقال المنافق : لا أرضى ، بيني وبينك nindex.php?page=showalam&ids=2عمر . فأتيا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فأخبره اليهودي بما جرى ; فقال : أمهلا حتى أدخل بيتي في حاجة ، فدخل فأخرج سيفه ثم خرج ، فقتل المنافق ; فشكا أهله ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : يا رسول الله ; إنه رد حكمك . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أنت الفاروق } ، وفي ذلك نزلت الآية كلها إلى قوله : {
ويسلموا تسليما } . ويروى في الصحيح أن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19342رجلا من الأنصار خاصم nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير في شراج الحرة ; فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اسق يا nindex.php?page=showalam&ids=15زبير ، وأرسل الماء إلى جارك الأنصاري . فقال الأنصاري : آن كان ابن عمتك ، فتلون وجه النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=15للزبير : أمسك الماء حتى يبلغ الجدر ، ثم أرسله } .
[ ص: 578 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير عن أبيه : وأحسب أن الآية نزلت في ذلك : {
فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم } إلى آخره .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : الطاغوت كل ما عبد من دون الله من صنم أو كاهن أو ساحر أو كيفما تصرف الشرك فيه . وقوله : {
آمنوا بما أنزل إليك } : يعني المنافقين ، أظهروا الإيمان . وبقوله : {
وما أنزل من قبلك } : يعني
اليهود ; آمنوا
بموسى ، وذلك قوله : {
رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا } ويذهبون إلى الطاغوت .
المسألة الثانية : اختار
الطبري أن يكون نزول الآية في المنافق واليهودي ثم تتناول بعمومها قصة
nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير ، وهو الصحيح . وكل من اتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحكم فهو كافر ، لكن الأنصاري زل زلة فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم وأقال عثرته لعلمه بصحة يقينه وأنها كانت فلتة ، وليس ذلك لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم وكل من لم يرض بحكم الحاكم بعده فهو عاص آثم .
المسألة الثالثة : فيها أن يتحاكم اليهودي مع المسلم عند حاكم الإسلام ، وسيأتي في سورة المائدة إن شاء الله تعالى .