الآية الثامنة والثلاثون قوله تعالى : {
فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما } . سوى الله سبحانه في ظاهر هذه الآية بين من قتل شهيدا أو انقلب غانما ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16911تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله ، وتصديق كلمته ، أن يدخله الجنة ، أو يرده إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة } . فغاير بينهما ، وجعل الأجر في محل والغنيمة في محل آخر .
وثبت عنه أيضا أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9040أيما سرية أخفقت كمل لها الأجر ، وأيما سرية غنمت ذهب ثلثا أجرها } .
[ ص: 582 ] فأما هذا الحديث فقد تكلمنا عليه في شروحات الحديث بما فيه كفاية ، وليس يعارض الآية كل المعارضة ; لأن فيه ثلث الأجر ، وهذا عظيم ; وإذا لم يعارضها فليؤخذ تمامه من غير هذا الكتاب .
وأما الحديث الأول فقد قيل فيه : إن " أو " بمعنى الواو ; لأن الله سبحانه يجمع له الأجر والغنيمة ، فما أعطى الله الغنائم لهذه الأمة محاسبا لها بها من ثوابها ، وإنما خصها بها تشريفا وتكريما لها ; لحرمة نبيها . قال النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=17687جعل رزقي تحت ظل رمحي } . فاختار الله لنبيه ولأمته فيما يرتزقون أفضل وجوه الكسب وأكرمها ، وهو أخذ القهر والغلبة . وقيل : إن معناه الذي يغنم قد أصاب [ الحظين ، والذي يخفق له ] الحظ الواحد وهو الأجر ، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول : مع ما نال من أجر وحده أو غنيمة مع الأجر ، والله عز وجل أعلم .