صفحة جزء
المسألة السادسة عشرة : قوله تعالى : { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين } : ظن قوم أولهم مسروق أن الصيام بدل عن الدية والرقبة ، وساعده عليه جماعة . وهو وهم ; لأن الصيام يلزم القاتل فهو بدل عما كان يلزمه من الرقبة ، والدية لم تكن تلزمه ، فليس عليه بدل عنها . وهذا أظهر من إطناب فيه .

المسألة السابعة عشرة : لما قال الله سبحانه : { ومن قتل مؤمنا خطأ } { ومن يقتل مؤمنا متعمدا } انحصر القتل في خطأ وعمد عند أكثر العلماء ، ومنهم من زاد ثالثا ; وهو شبه العمد ، وجعلوه عمدا خطأ ، كأنهم يريدون به أنه عمد من وجه خطأ من وجه .

والذي أشاروا به من ذلك قد جاء في الحديث ; فروى عبد الله بن عمر { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته : ألا إن في قتيل عمد الخطأ قتيل السوط والعصا مائة من الإبل منها أربعون خلفة في بطونها أولادها } رواه أبو داود والترمذي . قال ابن العربي : هذا حديث لم يصح

، وقد [ روي ] شبه العمد عن الصحابة [ ص: 606 ] والفقهاء كأبي حنيفة والشافعي ، وحكى العلماء عن مالك القول بشبه العمد ، وأن القتل ثلاثة أقسام ، ولكن جعل شبه العمد في مثل قصة المدلجي في نظر من أثبته أن الضرب مقصود والقتل غير مقصود ; وإنما وقع بغير القصد فيسقط القود ، وتغلظ الدية . وبالغ أبو حنيفة مبالغة أفسدت القاعدة ، فقال : إن القاتل بالعصا والحجر شبه العمد فيه دية مغلظة ولا قود فيه ، وهذا باطل قطعا ، وقد مهدناه في مسائل الخلاف .

التالي السابق


الخدمات العلمية