المسألة الخامسة : قوله تعالى : {
وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } في ذكر الطعام قولان : أحدهما : أن كل مطعوم على ما يقتضيه مطلق اللفظ وظاهر الاشتقاق . وكان حالهم يقتضي ألا يؤكل طعامهم لقلة احتراسهم عن النجاسات ، لكن الشرع سمح في ذلك ؟ لأنهم أيضا يتوقون القاذورات ، ولهم في دينهم مروءة يوصلونها ; ألا ترى أن
المجوس الذين لا تؤكل ذبائحهم لا يؤكل طعامهم ويستقذرون ويستنجسون في أوانيهم ، روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=1500أبي ثعلبة الخشني أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=20046سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قدور المجوس . فقال : أنقوها غسلا واطبخوا فيها } . وهو حديث مشهور ، وذكره
الترمذي وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=1500أبي ثعلبة وصححه أنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=43450 : يا رسول الله ; إنا بأرض أهل الكتاب فنطبخ في قدورهم ونشرب في آنيتهم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لم تجدوا غيرها فارحضوها بالماء } . قال : وهو صحيح ، خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره .
[ ص: 42 ] وغسل آنية
المجوس فرض ، وغسل
آنية أهل الكتاب فضل وندب ; فإن أكل ما في آنيتهم يبيح الأكل بعد ذلك فيها .
والدليل على صحة ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني " أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر توضأ من جرة نصرانية " ، وصححه وأدخله
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في التراجم . وربما ظن بعضهم أن أكل طعامهم رخصة ، فإذا احتجت إلى آنيتهم فغسلها عزيمة ; لأنه ليس بموضع للرخصة . قلنا : رخصة أكل طعامهم حل تأصل في الشريعة واستقر ، فلا يقف على موضعه ; بل يسترسل على محاله كلها ، كسائر الأصول في الشريعة .