المسألة الثالثة عشرة : قوله تعالى : {
وجوهكم } : والوجه في اللغة : ما برز من بدنه وواجه غيره به ، وهو أبين من أن يبين ، وأوجه من أن يوجه ، وهو عند
العرب عضو يشتمل على جملة أعضاء ، ومحل من الجسد فيه أربع طرق للعلوم ، وله طول وعرض ، وهو أيضا بين إلا أنه أشكل على الفقهاء منه ستة معان :
الأول :
إذا اكتسى الذقن بالشعر ، فإنه قد انتقل الفرض فيما يقابله إلى الشعر قطعا ونفي الزائد عليه ، وهو ما استرسل من اللحية ، ويحتمل أن يكون فرضا ; لأنه قد اتصل بالوجه وواجه كما يواجه ، فيكون فرضا غسله مثل الوجه ، ويحتمل أن يكون ندبا ، وبالأول
أقول ; لما ثبت {
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغسل لحيته } . أخرجه
الترمذي وغيره ، فعين المحتمل بالفعل .
الثاني : إذا
دار العذار على الخد ، هل يلزم غسل ما وراءه إلى الأذن أم لا ؟ وفيه خلاف بيننا في أنفسنا وبين العلماء أيضا غيرنا . والصحيح
عندي أنه لا يلزم غسله لا للأمرد ولا للمعذر .
الثالث :
الفم قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل وجماعة : إن غسله في الوضوء واجب ; لأنه من الوجه ; وقد واظب النبي صلى الله عليه وسلم عليه . وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9763إذا تمضمض خرجت الخطايا من فيه } .
[ ص: 54 ] الرابع :
الأنف ، وقد ورد الأمر به في الحديث الصحيح ، فقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9774إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم ليستنثر ، ومن استجمر فليوتر } . وقال أيضا : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23468فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه } .
الخامس :
العين ، والحكم فيها واحد أثرا ونظرا ولغة ، ولكن سقط غسلها للتأذي بذلك والحرج به ، ولذلك كان
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر لما عمي يغسل عينيه إذ كان لا يتأذى بذلك .
السادس : لا خلاف أنه لا بد من
غسل جزء من الرأس مع الوجه من غير تحديد فيه ، كما أنه لا بد على القول بوجوب عموم مسح الرأس من مسح جزء معه من الوجه لا يتقدر ، وهذا ينبني على أصل من أصول الفقه ; وهو أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب مثله ; وقد مهدناه في موضعه ; فهذه تتمة تسع عشرة مسألة .