المسألة الثانية والعشرون قوله تعالى : {
فمن لم يجد }
المعدم للقدرة على ما ذكر الله سبحانه يكون لوجهين : إما لمغيب المال عن الحالف ، أو لعدم ذات اليد ; فإن كان لمغيب المال فحيث كان ثاويا كان كعدمه ، وإن كان في بلد آخر ، ووجد من يسلفه لم يجزه الصوم ، وإن لم يجد من يسلفه اختلف فيه فقيل : ينتظر إلى بلده ، وذلك لا يلزمه ; بل يكفر بالصيام في موضعه ، ولا ينبغي أن يلتفت إلى غيره ; لأن الوجوب قد تقرر في الذمة ، والشرط من العدم قد تحقق ، فلا وجه لتأخير الأمر . المسألة الثالثة والعشرون : في
تحديد العدم :
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : من لم يجد : من لم يكن عنده إلا ثلاثة دراهم . وقال
الحسن : درهمان . وقيل : من لم يكن له فضل عن رأس ماله الذي يعيش منه مع عياله فهو الذي لم يجد .
وقيل : من لم يكن له إلا قوت يومه وليلته ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري ; فهذه أربعة أقوال ليس لواحد منها دليل يقوم عليه ، ولا سيما من قال بدرهم ودرهمين .
[ ص: 162 ] والذي عندي أنه إن لم يقدر أطعم كل يوم أو كل جمعة مسكينا حتى يتم كفارته .
وأما الكسوة فلا يعطيها إلا من كان له فوق قوت سنة . وأما الرقبة فقد تفطن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك للحق ، فقال : إن من لم يملك إلا رقبة أو دارا لا فضل فيهما ; أو عرضا ثمن رقبة لم يجزه إلا العتق ، فذكر الدار والعرض والرقبة . وهذا يدل على أن هنالك رمقا ، لكن لم يذكر ما معه غيرهما ، هل يعتق الرقبة التي كانت تعيشه بخراجها وكسبها أم عنده فضل غيرها ؟ فإن كانت الرقبة هي التي كانت تعيشه بخراجها فلا سبيل إلى عتقها .
وبالجملة المغنية عن التفصيل ذلك على التراخي ، وليس على الفور فليتريث في ذلك حتى يفتح الله له . أو يغلب على ظنه الفوت أو يؤثر العتق ، أو الإطعام بسبب يدعوه إلى ذلك .