وفي رواية للجماعة عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذه الصفة ) .
قوله : ( عمن صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ) قيل : هو سهل بن أبي حثمة كما وقع في الرواية الأخرى . وقد أخرج البيهقي وابن منده في المعرفة الحديث عن صالح بن خوات عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمكن أن يكون هو المبهم قوله : ( يوم ذات الرقاع ) هي غزوة نجد لقي بها النبي صلى الله عليه وسلم جمعا من غطفان فتوقفوا ولم يكن بينهم قتال ، وصلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الخوف ، وسميت ذات الرقاع ; لأنها نقبت أقدامهم فلفوا على أرجلهم الخرق .
وقيل : إن ذلك المحل الذي غزوا إليه حجارة مختلفة الألوان كالرقاع المختلفة . والحديث يدل على أن من صفات صلاة الخوف أن يصلي الإمام في الثنائية بطائفة ركعة ، ثم ينتظر حتى يتموا ; لأنفسهم ركعة ويذهبوا فيقوموا وجاه العدو ، ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلون معه الركعة الثانية ، ثم ينتظر حتى يتموا ; لأنفسهم ركعة ويسلم بهم .
وقد حكي في البحر أن هذه الصفة لصلاة الخوف قال بها nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=110وأبو موسى وسهل بن أبي حثمة والهادي والقاسم والمؤيد بالله وأبو العباس . قال النووي : وبها أخذ nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وغيرهم انتهى . وقد أخذ بكل نوع من أنواع صلاة الخوف الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم طائفة من أهل العلم كما سيأتي ، والحق الذي لا محيص عنه أنها جائزة على كل نوع من الأنواع الثابتة .
وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : لا أعلم في هذا الباب حديثا إلا صحيحا ، فلا وجه للأخذ ببعض ما صح دون بعض ، إذ لا شك أن الأخذ بأحدها فقط تحكم محض . وقد اختلف في عدد الأنواع الواردة في صلاة [ ص: 377 ] الخوف . فقال nindex.php?page=showalam&ids=15003ابن القصار المالكي : إن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها في عشرة مواطن . وقال النووي : إنه يبلغ مجموع أنواع صلاة الخوف ستة عشر وجها كلها جائزة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : صلاة الخوف أنواع صلاها النبي صلى الله عليه وسلم في أيام مختلفة وأشكال متباينة يتحرى في كلها ما هو أحوط للصلاة وأبلغ في الحراسة ، فهي على اختلاف صورها متفقة المعنى .
وسرد nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر في صفتها ثمانية أوجه . وكذا nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان وزاد تاسعا . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : صح فيها أربعة عشر وجها وبينها في جزء مفرد .
وقال ابن العربي : فيها روايات كثيرة أصحها ست عشرة رواية مختلفة ولم يبينها ، وقد بينها العراقي في شرح الترمذي وزاد وجها آخر فصارت سبعة عشر وجها . وقال في الهدي : أصولها ست صفات ، وأبلغها بعضهم أكثر . وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصة جعلوا ذلك وجها فصارت سبعة عشر ، لكن يمكن أن تتداخل أفعال النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو من اختلاف الرواة . قال الحافظ : وهذا هو المعتمد .
وقال ابن العربي أيضا : صلاها النبي صلى الله عليه وسلم أربعا وعشرين مرة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : ثبت في صلاة الخوف ستة أحاديث أو سبعة ، أيها فعل المرء جاز ، ومال إلى ترجيح حديث سهل بن أبي حثمة ، وكذا رجحه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ولم يختر إسحاق شيئا على شيء ، وبه قال الطبري وغير واحد منهم nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر .
وقال النووي : ومذهب العلماء كافة أن صلاة الخوف مشروعة اليوم كما كانت ، إلا nindex.php?page=showalam&ids=14954أبا يوسف nindex.php?page=showalam&ids=15215والمزني فقالا : لا تشرع بعد النبي صلى الله عليه وسلم انتهى ، وقال بقولهما nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن بن زياد nindex.php?page=showalam&ids=14111واللؤلئي من أصحابه وإبراهيم بن علية كما في الفتح واستدلوا بمفهوم قوله تعالى: { وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة } وأجاب الجمهور عن ذلك بأن شرط كونه صلى الله عليه وسلم فيهم إنما ورد لبيان الحكم لا لوجوده . والتقدير : بين لهم بفعلك لكونه أوضح من القول كما قال ابن العربي وغيره .
وقال ابن المنير : الشرط إذا خرج مخرج التعليم لا يكون له مفهوم كالخوف في قوله تعالى { أن تقصروا من الصلاة إن خفتم } وقال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : كان nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف قد قال مرة : لا تصلى صلاة الخوف بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وزعم أن الناس إنما صلوها معه صلى الله عليه وسلم لفضل الصلاة معه . قال وهذا القول عندنا ليس بشيء . ا هـ .
وأيضا الأصل تساوي الأمة في الأحكام المشروعة فلا يقبل التخصيص بقوم دون قوم إلا بدليل ، واحتج عليهم الجمهور بإجماع الصحابة على فعل هذه الصلاة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وبقول النبي صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=20870صلوا كما رأيتموني أصلي } وعموم منطوق هذا الحديث مقدم على ذلك المفهوم .
وقد اختلف في صلاة الخوف في الحضر ، فمنع من ذلك ابن الماجشون والهادوية وأجازه الباقون احتج الأولون بقوله تعالى { وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة } ورد بما تقدم في أبواب صلاة المسافر ، واحتجوا أيضا بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعلها إلا في سفر . ورد بأن اعتبار [ ص: 378 ] السفر وصف طردي ليس بشرط ولا سبب ، وإلا لزم أن لا يصلي إلا عند الخوف من العدو الكافر . وأما الاحتجاج بأنه صلى الله عليه وسلم لم يصلها يوم الخندق وفات عليه العصران وقضاهما بعد المغرب ، ولو كانت جائزة في الحضر لفعلها .
فيجاب عنه بأن ذلك كان قبل نزول صلاة الخوف كما رواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وقد تقدم الكلام على هذا في باب الترتيب في قضاء الفوائت .