قوله : ( كان إذا قحطوا ) قال في الفتح : قحطوا بضم القاف وكسر المهملة : أي أصابهم القحط قال : وقد بين nindex.php?page=showalam&ids=14413الزبير بن بكار في الأنساب صفة ما دعا به nindex.php?page=showalam&ids=18العباس في هذه الواقعة والوقت الذي وقع فيه ذلك فأخرج بإسناده : " أن nindex.php?page=showalam&ids=18العباس لما استسقى به nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قال : اللهم إنه لا ينزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة ، وقد توجه بي القوم إليك لمكاني من نبيك وهذه أيدينا إليك بالذنوب ، ونواصينا إليك بالتوبة ، فاسقنا [ ص: 11 ] الغيث ; فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض وعاش الناس " ) .
وأخرج أيضا من طريق داود بن عطاء عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : " استسقى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب عام الرمادة nindex.php?page=showalam&ids=18بالعباس بن عبد المطلب " وذكر الحديث ، وفيه : " فخطب الناس nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى nindex.php?page=showalam&ids=18للعباس ما يرى الولد للوالد ، فاقتدوا أيها الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في عمه nindex.php?page=showalam&ids=18العباس ، واتخذوه وسيلة إلى الله " وفيه : " فما برحوا حتى أسقاهم الله " .
وأخرج البلاذري من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم فقال عن أبيه بدل nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، فيحتمل أن يكون لزيد فيه شيخان .
وذكر ابن سعد وغيره أن عام الرمادة كان سنة ثمان عشرة ، وكان ابتداؤه مصدر الحاج منها ودام تسعة أشهر ، والرمادة بفتح الراء وتخفيف الميم ، سمي العام بها لما حصل من شدة الجدب فاغبرت الأرض جدا من عدم المطر ، قال : ويستفاد من قصة nindex.php?page=showalam&ids=18العباس استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة ، وفيه فضل nindex.php?page=showalam&ids=18العباس وفضل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر لتواضعه nindex.php?page=showalam&ids=18للعباس ومعرفته بحقه انتهى كلام الفتح وظاهر قوله : " كان إذا قحطوا استسقى nindex.php?page=showalam&ids=18بالعباس " أنه فعل ذلك مرارا كثيرة كما يدل عليه لفظ كان ، فإن صح أنه لم يقع منه ذلك إلا مرة واحدة كانت ( كان ) مجردة عن معناها الذي هو الدلالة على الاستمرار
1350 - ( وعن الشعبي رضي الله عنه قال : خرج nindex.php?page=showalam&ids=2عمر يستسقي ، فلم يزد على الاستغفار ، فقالوا : ما رأيناك استسقيت ، فقال : لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء الذي يستنزل به المطر ، ثم قرأ : { استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا } { واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه } الآية رواه سعيد في سننه ) قوله : ( فلم يزد على الاستغفار ) فيه استحباب الاستكثار من الاستغفار ; لأن منع القطر متسبب عن المعاصي والاستغفار يمحوها فيزول بزوالها المانع من القطر قوله : ( بمجاديح ) بجيم ثم دال مهملة ثم حاء مهملة أيضا جمع مجدح كمنبر قال في القاموس : مجاديح السماء : أنواؤها انتهى .
والمراد بالأنواء النجوم التي يحصل عندها المطر عادة ، فشبه الاستغفار بها واستدل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بالآيتين على أن الاستغفار الذي ظن أن الاقتصار عليه لا يكون استسقاء من أعظم الأسباب التي يحصل عندها المطر والخصب ; لأن الله جل جلاله قد وعد عباده بذلك وهو لا يخلف الوعد ، ولكن إذا كان الاستغفار واقعا من صميم القلب وتطابق عليه الظاهر والباطن ، وذلك مما يقل وقوعه [ ص: 12 ]
فذهب بعض أهل العلم إلى أن العمل بها أولى ، وحمل حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس على نفي رؤيته وذلك لا يستلزم نفي رؤية غيره وذهب آخرون إلى تأويل حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس المذكور لأجل الجمع بأن يحمل النفي على جهة مخصوصة : إما على الرفع البليغ ، ويدل عليه قوله : " حتى يرى بياض إبطيه " ويؤيده أن غالب الأحاديث التي وردت في رفع اليدين في الدعاء .
إنما المراد بها مد اليدين وبسطهما عند الدعاء ، وكأنه عند الاستسقاء زاد على ذلك فرفعهما إلى جهة وجهه حتى حاذتاه وحينئذ يرى بياض إبطيه وإما على صفة رفع اليدين في ذلك كما في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم المذكورة في الباب ولأبي داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس " كان يستسقي هكذا ومد يديه وجعل بطونهما مما يلي الأرض حتى رأيت بياض إبطيه " . والظاهر أنه ينبغي البقاء على النفي المذكور عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس فلا ترفع اليد في شيء من الأدعية إلا في المواضع التي ورد فيها الرفع ، ويعمل فيما سواها بمقتضى النفي وتكون الأحاديث الواردة في الرفع في غير الاستسقاء أرجح من النفي المذكور في حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس إما لأنها خاصة فيبنى العام على الخاص ، أو لأنها مثبتة وهي أولى من النفي .
وغاية ما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أنه نفى الرفع فيما يعلمه ، ومن علم حجة على من لم يعلم قوله : ( فأشار بظهر كفه إلى السماء ) قال في الفتح : قال العلماء : السنة في كل دعاء لرفع بلاء أن يرفع يديه جاعلا ظهر كفيه إلى السماء ، وإذا دعا بحصول شيء أو تحصيله أن يجعل بطن كفيه إلى السماء ، وكذا قال النووي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم حاكيا لذلك عن جماعة من العلماء وقيل : الحكمة في الإشارة بظهر الكفين في الاستسقاء دون غيره التفاؤل بتقلب الحال كما قيل في تحويل الرداء وقد أخرج nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد من حديث السائب بن خلاد عن أبيه { nindex.php?page=hadith&LINKID=10089أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سأل جعل باطن كفيه إليه ، وإذا استعاذ جعل ظاهرهما إليه } وفي [ ص: 13 ] إسناده nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة وفيه مقال مشهور
زاد nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في رواية شريك " حذاء وجهه nindex.php?page=showalam&ids=13114 " ولابن خزيمة : " حتى رأيت بياض إبطيه " وزاد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في رواية ذكرها في الأدب " فنظر إلى السماء " والحديث سيأتي بطوله وإنما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف ههنا للاستدلال به على مشروعية رفع اليدين عند الاستسقاء
1353 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما ما قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=17411 : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله لقد جئتك من عند قوم ما يتزود لهم راع ، ولا يخطر لهم فحل ، فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فحمد الله ثم قال : اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا طبقا غدقا عاجلا غير رائث ، ثم نزل فما يأتيه أحد من وجه من الوجوه إلا قالوا : قد أحيينا } رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ) الحديث إسناده في سنن nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه هكذا : حدثنا محمد بن أبي القاسم أبو الأحوص حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14105الحسن بن الربيع ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14356الربيع ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16410عبد الله بن إدريس ، حدثنا حصين عن nindex.php?page=showalam&ids=15683حبيب بن أبي ثابت عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فذكره ، ورجاله ثقات ، أخرجه أيضا أبو عوانة وسكت عنه الحافظ في التلخيص وقد رويت بعض هذه الألفاظ وبعض معانيها عن جماعة [ ص: 14 ] من الصحابة مرفوعة منها عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس وسيأتي وعن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عند أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وعن كعب بن مرة عند nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في المستدرك وعن عبد الله بن جراد عند nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وإسناده ضعيف جدا وعن nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب وسيأتي وعن المطلب بن حنطب وسيأتي أيضا وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وعن عائشة بنت الحكم عن أبيها عند أبي عوانة بسند واه وعن عامر بن خارجة بن سعيد عن جده عند أبي عوانة أيضا وعن سمرة عند أبي عوانة أيضا وإسناده ضعيف وعن nindex.php?page=showalam&ids=146عمرو بن حريث عن أبيه عند أبي عوانة أيضا وعن أبي أمامة عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني وسنده ضعيف قوله : ( ولا يخطر لهم فحل ) بالخاء المعجمة ثم الطاء المهملة بعدها راء ، قال في القاموس : خطر الفحل بذنبه يخطر خطرا وخطرانا وخطيرا : ضرب به يمينا وشمالا انتهى وأراد بقوله " لا يخطر لهم فحل " أن مواشيهم قد بلغت لقلة المرعى إلى حد من الضعف لا تقوى معه على تحريك أذنابها قوله : ( غيثا ) الغيث : المطر ، ويطلق على النبات تسمية له باسم سببه قوله : ( مغيثا ) بضم الميم وكسر الغين المعجمة وسكون الياء التحتية بعدها ثاء مثلثة وهو المنقذ من الشدة قوله : ( مريئا ) بالهمزة هو المحمود العاقبة المنمي للحيوان قوله : ( مريعا ) بضم الميم وفتحها وكسر الراء وسكون الياء التحتية بعدها عين مهملة : هو الذي يأتي بالريع وهو الزيادة ، مأخوذ من المراعة وهي الخصب ومن فتح الميم جعله اسم مفعول أصله مريوع كمهيب ، ومعناه مخصب .
ويروى بضم الميم وسكون الراء بعدها موحدة مكسورة من قولهم : أربع يربع : إذا أكل الربيع ، ويروى بضم الميم والمثناة فوقية مكسورة من قولهم أربع المطر : إذا أنبت ما ترتع فيه الماشية قوله : ( طبقا ) هو المطر العام كما في القاموس قوله : ( غدقا ) الغدق : هو الماء الكثير ، وأغدق المطر واغدودق : كبر قطره ، وغيدق : كثر بزاقه قوله : ( غير رائث ) الريث : الإبطاء ، والرائث : المبطئ قوله : ( قد أحيينا ) أي مطرنا ، لما كان المطر سببا للحياة عبر عن نزوله بالإحياء
الحديث الأول أخرجه أبو داود متصلا ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك مرسلا ، ورجحه أبو حاتم . والحديث الثاني هو مرسل كما قال nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف ، وأكثر ألفاظه في الصحيحين ، وقد تقدم ما في الباب من الأحاديث قوله : ( على الظراب ) بكسر المعجمة وآخره موحدة جمع ظرب بكسر الراء وقد تسكن : قيل : هو الجبل المنبسط الذي ليس بالعالي وقال nindex.php?page=showalam&ids=14042الجوهري : الرابية الصغيرة قوله : ( اللهم حوالينا ) بفتح اللام وفيه حذف تقديره اجعل أو أمطر ، والمراد به صرف المطر عن الأبنية والدور قوله : ( ولا علينا ) فيه بيان للمراد بقوله " حوالينا " ; لأنه يشمل الطرق التي حولهم ، فأراد إخراجها بقوله : " ولا علينا " قال الطيبي : في إدخال الواو هنا معنى لطيف ، وذلك ; لأنه لو أسقطها لكان مستسقيا للآكام وما معها فقط ودخول الواو يقتضي أن طلب المطر على المذكورات ليس مقصودا لعينه ، ولكن ليكون وقاية من أذى المطر فليست الواو محصلة للعطف ولكنها للتعليل كقولهم : تجوع الحرة ولا تأكل بثديها ، فإن الجوع ليس مقصودا لعينه ، ولكن ليكون مانعا من الرضاع بأجرة إذ كانوا يكرهون ذلك أنفا . انتهى .
والحديث الأول يدل على استحباب الدعاء بما اشتمل عليه عند الاستسقاء والحديث الثاني يدل على استحباب الدعاء بما فيه عند نزول المطر .