قال النووي : ومعناه أن المطر رحمة ، وهو قريب العهد بخلق الله تعالى لها فيتبرك بها وفي الحديث دليل أنه يستحب عند أول المطر أن يكشف بدنه ليناله المطر لذلك .
قوله : ( أن رجلا ) في مسند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ما يدل على أن هذا المبهم كعب بن مرة . وفي nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق مرسلة ما يدل على أنه خارجة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري ، وزعم بعضهم أنه أبو سفيان بن حرب قال في الفتح : وفيه نظر ; لأنه جاء في واقعة أخرى وقال الحافظ : لم أقف على تسميته كما تقدم قوله : ( يوم جمعة ) فيه دليل على أنه إذا اتفق وقوع الاستسقاء يوم جمعة اندرجت خطبة الاستسقاء وصلاتها في الجمعة .
وقد بوب لذلك nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وذكر حديث الباب قوله : ( من باب كان نحو دار القضاء ) فسر بعضهم دار القضاء بأنها دار الإمامة قال في الفتح : وليس كذلك ، وإنما هي دار nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وسميت دار القضاء ; لأنها بيعت في قضاء دينه ، فكان يقال لها : دار قضاء دين nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، ثم طال ذلك فقيل لها : دار القضاء ، ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14413الزبير بن بكار بسنده إلى nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وقد قيل في تفسيرها غير ذلك .
قوله : ( ثم قال : يا رسول الله ) هذا يدل على أن السائل كان مسلما ، وبه يرد على من قال : إنه nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان ; لأنه حين سؤاله لذلك لم يكن قد أسلم قوله : ( هلكت الأموال ) المراد بالأموال هنا : الماشية لا الصامت . قوله : ( وانقطعت السبل ) المراد بذلك أن الإبل ضعفت لقلة القوت عن السفر لكونها لا تجد في طريقها من الكلإ ما يقيم أودها وقيل : المراد نفاد ما عند الناس من الطعام أو قلته فلا يجدون ما يجلبونه ويحملونه إلى الأسواق .
قوله : ( فادع الله يغثنا ) هكذا في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بالجزم ، وفي رواية له " يغيثنا " بالرفع ، وفي رواية له : " أن يغيثنا " فالجزم ظاهر والرفع على الاستئناف : أي فهو يغيثنا قال في الفتح : وجائز أن يكون من الغوث أو من الغيث ، والمعروف في كلام العرب غثنا ; لأنه من الغوث وقال nindex.php?page=showalam&ids=12854ابن القطاع : غاث الله عباده غيثا وغياثا : سقاهم المطر ، وأغاثهم : أجاب دعاءهم ، ويقال : غاث وأغاث بمعنى قال nindex.php?page=showalam&ids=13147ابن دريد : الأصل غاثه الله يغوثه غوثا واستعمل أغاثه ، ومن فتح أوله فمن [ ص: 19 ] الغيث ويحتمل أن يكون معنى أغثنا أعطنا غوثا وغيثا . قوله : ( فرفع يديه ) فيه استحباب رفع اليد عند دعاء الاستسقاء ، وقد تقدم الكلام عليه . قوله : ( من سحاب ) أي مجتمع .
قوله : ( ولا قزعة ) بفتح القاف والزاي بعدها مهملة : أي سحاب متفرق وقال nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده : القزع : قطع من السحاب رقاق قال أبو عبيدة : وأكثر ما يجيء في الخريف . قوله : ( وما بيننا وبين سلع ) بفتح المهملة وسكون اللام : جبل معروف بالمدينة ، وقد حكي أنه بفتح اللام .
قوله : ( من بيت ولا دار ) أي يحجبنا من رؤيته وأشار بذلك إلى أن السحاب كان مفقودا لا مستترا ببيت ولا غيره . قوله : ( فطلعت ) أي ظهرت من وراء سلع . قوله : ( مثل الترس ) أي مستديرة ولم يرد أنها مثله في القدر وفي رواية " فنشأت سحابة مثل رجل الطائر " . قوله : ( فلما توسطت السماء انتشرت ) هذا يشعر بأنها استمرت مستديرة حتى انتهت إلى الأفق وانبسطت حينئذ ، وكأن فائدته تعميم الأرض بالمطر قوله : ( ما رأينا الشمس سبتا ) هذا كناية عن استمرار الغيم الماطر وهو كذلك في الغالب وإلا فقد يستمر المطر والشمس بادية ، وقد تحتجب الشمس بغير مطر وأصرح من ذلك ما وقع في رواية أخرى nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري بلفظ : " فمطرنا يومنا ذلك ومن الغد ومن بعد الغد والذي يليه حتى الجمعة الأخرى " والمراد بقوله سبتا : أي من السبت إلى السبت .
قاله ابن المنير والطبري قال : وفيه تجوز ; لأن السبت لم يكن مبتدأ ولا الثاني منتهى ، وإنما عبر nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بذلك ; لأنه كان من الأنصار ، وقد كانوا جاوروا اليهود فأخذوا بكثير من اصطلاحهم ، وإنما سموا الأسبوع سبتا ; لأنه أعظم الأيام عند اليهود كما أن الجمعة عند المسلمين كذلك وفي تعبيره عن الأسبوع بالسبت مجاز مرسل والعلاقة الجزئية والكلية وقال صاحب النهاية : أراد قطعة من الزمان ، وكذا قال النووي ووقع في رواية " ستا " أي ستة أيام ، ووقع في رواية " فمطرنا من جمعة إلى جمعة " قوله : ( ثم دخل رجل من ذلك الباب ) ظاهره أنه غير الأول ; لأن النكرة إذا تكررت دلت على التعدد ، وقد قال شريك في آخر هذا الحديث : " سألت nindex.php?page=showalam&ids=9أنسا هو الرجل الأول ؟ فقال : لا أدري " .
وهذا يقتضي أنه لم يجزم بالتغاير . وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس " فقام ذلك الرجل أو غيره " وفي رواية له عنه : " فأتى الرجل فقال : يا رسول الله " ومثلها لأبي عوانة ، وهذا يقتضي الجزم بكونه واحدا ، فلعل nindex.php?page=showalam&ids=9أنسا تذكره بعد أن نسيه ويؤيد ذلك ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عنه بلفظ : " فقال الرجل " يعني الذي سأله يستسقي قوله : ( هلكت الأموال وانقطعت السبل ) أي بسبب غير السبب الأول ، والمراد أن كثرة الماء انقطع المرعى بسببها فهلكت المواشي من عدم المرعى أو لعدم ما يمكنها من المطر ويدل على ذلك ما عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي بلفظ " من كثرة الماء " .
وأما انقطاع السبل فلتعذر سلوك الطريق [ ص: 20 ] من كثرة الماء وفي رواية عند nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة " واحتبس الركبان " وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري تهدمت البيوت " وفي رواية له " هدم البناء وغرق المال " . قوله : ( يمسكها ) يجوز ضم الكاف وسكونها ، والضمير يعود إلى الأمطار أو إلى السحاب أو إلى السماء . قوله : ( اللهم حوالينا ولا علينا ) تقدم الكلام عليه . قوله : ( على الإكام ) بكسر الهمزة . وقد تفتح جمع أكمة ، مفتوحة الحروف جميعا : قيل : هي التراب المجتمع وقيل : هي الحجر الواحد ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : هي الهضبة الضخمة وقيل : الجبل الصغير وقيل : ما ارتفع من الأرض .
قوله : ( والظراب ) تقدم تفسيره وضبطه . قوله : ( وبطون الأودية ) المراد بها ما يتحصل فيه الماء لينتفع به . قوله : ( فانقلعت ) أي السماء أو السحابة الماطرة ، والمعنى أنها أمسكت عن المطر على المدينة وفي الحديث فوائد : منها جواز المكالمة من الخطيب حال الخطبة وتكرار الدعاء وإدخال الاستسقاء في خطبة الجمعة والدعاء به على المنبر وترك تحويل الرداء والاستقبال والاجتزاء بصلاة الجمعة عن صلاة الاستسقاء كما تقدم .
وفيه علم من أعلام النبوة في إجابة الله تعالى دعاء نبيه وامتثال السحاب أمره كما وقع في كثير من الروايات وغير ذلك من الفوائد .