[ ص: 133 ] أبواب السواك وسنن الفطرة باب الحث على السواك وذكر ما يتأكد عنده
118 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=14396السواك مطهرة للفم مرضاة للرب } . رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وهو nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري تعليق ) .
وأخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان موصولا من حديث عبد الرحمن بن أبي عتيق سمعت أبي سمعت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بهذا ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : أبو عتيق هذا هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة . وقال الحافظ : إنما هو من رواية ابنه عبد الله عنها قال : ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل عن عبد الله عنها ، وقد طول الكلام عليه في التلخيص .
قوله : ( أبواب السواك وسنن الفطرة ) قال أهل اللغة : السواك بكسر السين وهو يطلق على الفعل ، وعلى العود الذي يتسوك به وهو مذكر . قال nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث : وتؤنثه العرب ، قال الأزهري : هذا من أغاليط nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث القبيحة . وذكر صاحب المحكم أنه يؤنث ويذكر ، والسواك فعلك بالمسواك ، ويقال : ساك فمه يسوكه سوكا فإن قلت : استاك لم تذكر الفم . وجمع السواك : سوك بضمتين ككتاب وكتب وذكر صاحب المحكم أنه يجوز سؤك بالهمزة ، قال النووي ثم قيل : إن السواك مأخوذ من ساك إذا أدلك . وقيل : من جاءت الإبل تستاك أي تتمايل هزالا . وهو في اصطلاح العلماء : استعمال عود أو نحوه في الأسنان ليذهب الصفرة وغيرها عنها . وأما الفطرة فقد اختلف العلماء في المراد بها ههنا ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ذهب أكثر العلماء إلى أنها السنة ، وكذا ذكر جماعة غير nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي .
وقيل : هي الدين ، حكاه في الفتح عن طائفة من العلماء وبه جزم أبو نعيم في المستخرج . وقال الراغب : أصل الفطرة الشق طولا ويطلق على الوهي وعلى الاختراع . وقال أبو شامة أصل الفطرة الخلقة المبتدأة ومنه - { فاطر السموات والأرض } - أي مبتدئ خلقهن ، والمراد بقوله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=28838كل مولود يولد على الفطرة } أي على ما ابتدأ الله خلقه عليه وفيه إشارة إلى قوله تعالى: { فطرة الله التي فطر الناس عليها } والمعنى أن كل أحد لو ترك في وقت ولادته وما يؤديه إليه نظره لأداه إلى الدين الحق وهو التوحيد . ويؤيده أيضا قوله تعالى: { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله } وإليه يشير في بقية الحديث حيث عقبه بقوله : ( فأبواه يهودانه أو ينصرانه ) .
والحديث يدل على مشروعية السواك لأنه سبب لتطهير الفم وموجب لرضا الله على فاعله ، وقد أطلق فيه السواك ولم يخصه بوقت معين ولا بحالة مخصوصة فأشعر بمطلق شرعيته [ ص: 134 ] وهو من السنن المؤكدة وليس بواجب في حال من الأحوال لما سيأتي في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : { nindex.php?page=hadith&LINKID=33717لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك } ونحوه .
قال النووي بإجماع من يعتد به في الإجماع ، وحكى أبو حامد الإسفرايني عن nindex.php?page=showalam&ids=15858داود الظاهري أنه أوجبه في الصلاة وحكى الماوردي عنه أنه واجب لا تبطل الصلاة بتركه ، وحكي عن إسحاق بن راهويه أنه واجب تبطل الصلاة بتركه عمدا . قال النووي : وقد أنكر أصحابنا المتأخرون على الشيخ أبي حامد وغيره نقل الوجوب عن nindex.php?page=showalam&ids=15858داود وقالوا : مذهبه أنه سنة كالجماعة ، ولو صح إيجابه عن nindex.php?page=showalam&ids=15858داود لم يضر مخالفه في انعقاد الإجماع على المختار الذي عليه المحققون والأكثرون . قال : وأما إسحاق فلم يصح هذا المحكي عنه انتهى .
وعدم الاعتداد بخلاف nindex.php?page=showalam&ids=15858داود مع علمه وورعه وأخذ جماعة من الأئمة الأكابر بمذهبه من التعصبات التي لا مستند لها إلا مجرد الهوى والعصبية ، وقد كثر هذا الجنس في أهل المذاهب وما أدري ما هو البرهان الذي قام لهؤلاء المحققين حتى أخرجوه من دائرة علماء المسلمين ، فإن كان لما وقع منه من المقالات المستبعدة فهي بالنسبة إلى مقالات غيره المؤسسة على محض الرأي المضادة لصريح الرواية في حيز القلة المتبالغة فإن التعويل على الرأي وعدم الاعتناء بعلم الأدلة قد أفضى بقوم إلى التمذهب بمذاهب لا يوافق الشريعة منها إلا القليل النادر ، وأما nindex.php?page=showalam&ids=15858داود فما في مذهبه من البدع التي أوقعه فيها تمسكه بالظاهر وحملوه عليه هي في غاية الندرة ولكن : لهوى النفوس سريرة لا تعلم قال النووي : والسواك مستحب في جميع الأوقات لكن في خمسة أوقات أشد استحبابا : أحدها : عند الصلاة سواء كان متطهرا بماء أو بتراب أو غير متطهر كمن لم يجد ماء ولا ترابا .
الثاني : عند الوضوء . الثالث : عند قراءة القرآن . الرابع : عند الاستيقاظ من النوم . الخامس : عند تغير الفم ، وتغيره يكون بأشياء منها ترك الأكل والشرب ومنها أكل ما له رائحة كريهة . ومنها طول السكوت ومنها كثرة الكلام . وقد قامت الأدلة على استحبابه في جميع هذه الحالات التي ذكرها وسيأتي ذكر بعضها في هذا الباب . قال : ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن السواك يكره للصائم بعد زوال الشمس لئلا تزول رائحة الخلوف المستحبة وسيأتي الكلام عليه في باب السواك للصائم إن شاء الله تعالى .
ويستحب أن يستاك بعود من أراك وبأي شيء استاك مما يزيل التغير حصل السواك كالخرقة الخشنة والأشنان ، وللفقهاء في السواك آداب وهيئات لا ينبغي للفطن الاغترار بشيء منها إلا أن يكون موافقا لما ورد عن الشارع ، ولقد كرهوه في أوقات وعلى حالات حتى يكاد يفضي ذلك إلى ترك هذه السنة الجليلة وإطراحها وهي أمر من أمور الشريعة ظهر ظهور النهار ، وقبله من سكان البسيطة أهل الأنجاد والأغوار .
قوله : ( مطهرة للفم ) المطهرة [ ص: 135 ] بكسر الميم وتفتح قال في الديوان : الفتح أفصح .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي الجملة الأولى ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14798العقيلي وأبو نعيم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي من طريق أخرى عن سعيد به . ورواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=33726لولا أن أشق على المؤمنين لأمرتهم بتأخير العشاء ، والسواك عند كل صلاة } . ورواه أيضا أبو داود عن زيد بن خالد باللفظ الذي في الكتاب . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي نحوه ، وروى الجملة الأولى أيضا الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
ولفظ الترمذي : " إلى ثلث الليل أو نصفه " ولفظ nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان : " إلى ثلث الليل " ولم يشك ، وروى الجملة الثانية nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وعلقها nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وروى nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=33723لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع الوضوء عند كل صلاة } وروى ابن أبي خيثمة في تاريخه بسند عن nindex.php?page=showalam&ids=10583أم حبيبة : { nindex.php?page=hadith&LINKID=33723لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة كما يتوضئون } .
والحديث يدل على ندبية تأخير العشاء إلى ثلث الليل لأن لولا لامتناع الثاني لوجود الأول ، فإذا ثبت وجود الأول ثبت امتناع الثاني وبقي الندب . ومحل الكلام على هذه الجملة الصلاة إن شاء الله تعالى . ويدل أيضا على ندبية السواك بمثل ما ذكرناه في صلاة العشاء ، ويرد على من قال : لا يستحب السواك للصلاة ، وقد نسبه في البحر إلى الأكثر ويرد مذهب الظاهرية القائلين بالوجوب إن صح عنهم وقد سبق كلام النووي في ذلك .
وقال النووي : غلط بعض الأئمة الكبار فزعم أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري لم يخرجه وهو خطأ منه ، وقد أخرجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد عن nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وليس هو في الموطأ من هذا الوجه بل هو فيه عن ابن شهاب عن حميد عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=33723لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء } ولم يصرح برفعه . قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : وحكمه الرفع ، وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك مرفوعا ، وفي الباب عن زيد بن خالد عند الترمذي وأبي داود ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=8علي عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=10583أم حبيبة عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أيضا ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو nindex.php?page=showalam&ids=31وسهل بن سعد nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس عند أبي نعيم . قال الحافظ : وإسناد بعضها حسن . وعن nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=315وجعفر بن أبي طالب عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني أيضا .
والحديث يدل على أن السواك غير واجب ، وعلى شرعيته عند الوضوء وعند الصلاة لأنه إذا ذهب الوجوب بقي الندب كما تقدم وعلى أن الأمر للوجوب لأن كلمة لولا تدل على انتفاء الشيء لوجود غيره فيدل على انتفاء الأمر لوجود المشقة ، والمنفي لأجل المشقة إنما هو الوجوب لا الاستحباب ، فإن استحباب السواك ثابت عند كل صلاة فيقتضي ذلك أن الأمر للوجوب ، وفيه خلاف في الأصول على أقوال . ويدل الحديث أيضا على أن المندوب غير مأمور به لمثل ما ذكرناه ، وفيه أيضا خلاف في الأصول مشهور . ويدل أيضا على أن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يحكم بالاجتهاد ولا يتوقف حكمه على النص لجعله المشقة سببا لعدم الأمر منه ، ولو كان الأمر موقوفا على النص لكان سبب عدم الأمر منه عدم النص لا مجرد المشقة ، وفيه احتمال للبحث والتأويل كما قاله ابن دقيق العيد .
وهو أيضا يدل بعمومه على استحباب السواك للصائم بعد الزوال لأن الصلاتين الواقعتين بعده داخلتان تحت عموم الصلاة ، فلا تتم دعوى الكراهة إلا بدليل يخصص هذا العموم وسيأتي الكلام على ذلك .
وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني وإسناده ضعيف . وعن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس عند nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وعن nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب عند أبي نعيم ، قال الحافظ : وكلها ضعيفة .
قوله : ( يشوص ) بضم المعجمة وبسكون الواو ، وشاصه يشوصه وماصه يموصه إذا غسله ، والشوص بالفتح : الغسل والتنظيف ، كذا في الصحاح . وقيل : الغسل . وقيل : التنقية . وقيل : الدلك . وقيل : الإمرار على الأسنان من أسفل إلى فوق ، وعكسه nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي فقال : هو دلك الأسنان بالسواك والأصابع عرضا . والحديث يدل على استحباب السواك عند القيام من النوم لأنه مقتض لتغير الفم لما يتصاعد إليه من أبخرة المعدة ، والسواك ينظفه ولهذا أرشد إليه . وظاهر قوله من الليل ومن النوم العموم لجميع الأوقات .
قال ابن دقيق العيد : ويحتمل أن يخص بما إذا قام إلى الصلاة ، قال الحافظ : ويدل عليه رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بلفظ : " إذا قام للتهجد " ، nindex.php?page=showalam&ids=17080ولمسلم نحوه انتهى . فيحمل المطلق على المقيد ، ولكنه بعد معرفة أن العلة التنظيف لا يتم ذلك لأنه مندوب إليه في جميع الأحوال . [ ص: 138 ]