قوله : ( الختان ) بكسر المعجمة وتخفيف المثناة مصدر ختن أي قطع ، والختن بفتح ثم سكون قطع بعض مخصوص من عضو مخصوص ، والاختتان والختان اسم لفعل الخاتن ، ولموضع الختان كما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ( إذا التقى الختانان ) قال الماوردي : ختان الذكر : قطع الجلدة التي تغطي الحشفة والمستحب أن تستوعب من أصلها عند أول الحشفة ، وأقل ما يجزئ أن لا يبقى منها ما يتغشى به .
وقال إمام الحرمين : المستحق في الرجال قطع القلفة وهي الجلدة التي تغطي الحشفة حتى لا يبقى من الجلدة شيء يتدلى . وقال ابن [ ص: 145 ] الصباغ : حتى تنكشف جميع الحشفة . وقال ابن كج فيما نقله الرافعي : يتأدى الواجب بقطع شيء مما فوق الحشفة وإن قل بشرط أن يستوعب القطع تدوير رأسها . قال النووي : وهو شاذ والأول هو المعتمد ، قال الإمام : والمستحق من ختان المرأة ما ينطلق عليه الاسم ، وقال الماوردي : ختانها قطع جلدة تكون في أعلى فرجها فوق مدخل الذكر ، كالنواة أو كعرف الديك ، والواجب قطع الجلدة المستعلية منه دون استئصاله ، قال النووي ويسمى ختان الرجل : إعذار بذال معجمة ، وختان المرأة : خفضا بخاء وضاد معجمتين .
وقال أبو شامة : كلام أهل اللغة يقتضي تسمية الكل إعذارا ، والخفض يختص بالنساء ، قال أبو عبيد : عذرت الجارية والغلام وأعذرتهما ختنتهما واختتنتهما وزنا ومعنى . قال nindex.php?page=showalam&ids=14042الجوهري : والأكثر خفض الجارية ، قال : وتزعم العرب أن الولد إذا ولد في القمر اتسعت قلفته فصار كالمختون ، وقد استحب جماعة من العلماء فيمن ولد مختونا أن يمر بالموسى على موضع الختان من غير قطع . قال أبو شامة : وغالب من يكون كذلك لا يكون ختانه تاما بل يظهر طرف الحشفة فإن كان كذلك وجب تكميله
قوله : ( بالقدوم ) بفتح القاف وضم الدال وتخفيفها : آلة النجارة ، وقيل اسم الموضع الذي اختتن فيه إبراهيم ، وهو الذي في القاموس يقال : بل قد ذكر في باب فضل إبراهيم الخليل من رواية nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مع ذكر السنين .
وأورد nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف الحديث في هذا الباب للاستدلال به على أن مدة الختان لا تختص بوقت معين ، وهو مذهب الجمهور وليس بواجب في حال الصغر ، وللشافعية وجه أنه يجب على الولي أن يختن الصغير قبل بلوغه ، ويرده حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الآتي ، ولهم أيضا وجه أنه يحرم قبل عشر سنين ، ويرده حديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=3194أن النبي صلى الله عليه وسلم ختن الحسن nindex.php?page=showalam&ids=17والحسين يوم السابع من ولادتهما } أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر .
قال النووي بعد أن ذكر هذين الوجهين : وإذا قلنا بالصحيح استحب أن يختتن في اليوم السابع من ولادته ، وهل يحسب يوم الولادة من السبع أو يكون سبعة سواه ، فيه وجهان أظهرهما يحسب انتهى .
واختلف في وجوب الختان فروى الإمام يحيى عن العترة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وكثير من العلماء أنه واجب في حق الرجال والنساء . وعند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة والمرتضى ، قال النووي : وهو قول أكثر العلماء أنه سنة فيهما . وقال الناصر والإمام يحيى إنه واجب في الرجال لا النساء . احتج الأولون بما سيأتي من حديث عثيم بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=1750ألق عنك شعر الكفر واختتن } وهو لا ينتهض للحجية لما فيه من المقال الذي سنبينه هنالك .
وبحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أسلم فليختتن ) وقد ذكره الحافظ في التلخيص ، ولم يضعفه ، وتعقب بقول nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : ليس في الختان خبر يرجع إليه ولا سنة تتبع . وبحديث أم عطية - وكانت خافضة - بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=1032أشهي ولا تنهكي } [ ص: 146 ] عند nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي وأبي نعيم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=190الضحاك بن قيس . وقد اختلف فيه على nindex.php?page=showalam&ids=16490عبد الملك بن عمير فقيل عنه عن الضحاك . وقيل عنه عن عطية القرظي ، رواه أبو نعيم . وقيل عنه عن أم عطية رواه أبو داود في السنن ، وأعله بمحمد بن حسان . فقال : إنه مجهول ضعيف ، وتبعه ابن عدي في تجهيله ، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي ، وخالفهم nindex.php?page=showalam&ids=16390عبد الغني بن سعيد فقال : هو محمد بن سعيد المصلوب في الزندقة
، رواه ابن عدي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله بن عمر . nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار من حديث nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر مرفوعا بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=43571يا نساء الأنصار اختضبن غمسا واختفضن ولا تنهكن وإياكن وكفران النعم } قال الحافظ : وفي إسناد أبي نعيم مندل بن علي وهو ضعيف ، وفي إسناد ابن عدي خالد بن عمرو القرشي وهو أضعف من مندل . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني وابن عدي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس نحو حديث أبي داود ، قال ابن عدي : تفرد به nindex.php?page=showalam&ids=15908زائدة وهو منكر ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني : تفرد به محمد بن سلام .
واحتج القائلون بأنه سنة بحديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=14148الختان سنة في الرجال مكرمة في النساء } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=15689الحجاج بن أرطاة عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه nindex.php?page=showalam&ids=14078، والحجاج مدلس ، وقد اضطرب فيه nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، رواه هكذا ، وتارة رواه بزيادة nindex.php?page=showalam&ids=75شداد بن أوس بعد والد أبي المليح ، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم في العلل nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في الكبير ، وتارة رواه عن مكحول عن nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب ، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وذكره ابن أبي حاتم في العلل ، وحكي عن أبيه أنه خطأ من nindex.php?page=showalam&ids=14078حجاج أو من الراوي عنه وهو nindex.php?page=showalam&ids=16496عبد الواحد بن زياد .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : هو ضعيف منقطع . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في التمهيد : هذا الحديث يدور على nindex.php?page=showalam&ids=15689حجاج بن أرطاة ، وليس ممن يحتج به . قال الحافظ : وله طريق أخرى من غير رواية nindex.php?page=showalam&ids=14078حجاج ، فقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير nindex.php?page=showalam&ids=13933، والبيهقي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مرفوعا ، وضعفه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في السنن ، وقال في المعرفة : لا يصح رفعه وهو من رواية الوليد عن أبي ثوبان عن ابن عجلان عن عكرمة عنه ، ورواته موثقون إلا أن فيه تدليسا ا هـ .
ومع كون الحديث لا يصلح للاحتجاج لا حجة فيه على المطلوب لأن لفظة السنة في لسان الشارع أعم من السنة في اصطلاح الأصوليين . واحتج المفصلون بوجوبه على الرجال بحجج القول الأول . ولعدم وجوبه على النساء بما في الحديث الذي احتج به أهل القول الثاني من قوله : ( مكرمة في النساء ) والحق أنه لم يقم دليل صحيح يدل على الوجوب والمتيقن السنية كما في حديث : ( خمس من الفطرة ) ونحوه ، والواجب الوقوف على المتيقن إلى أن يقوم ما يوجب الانتقال عنه .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : أحسن الحجج أن يحتج بحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة المذكور في الباب أن إبراهيم اختتن وهو ابن ثمانين ، وقد قال الله تعالى : { ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا } وصح عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن الكلمات التي [ ص: 147 ] ابتلي بهن إبراهيم فأتمهن هن خصال الفطرة ومنهن الختان . والابتلاء غالبا إنما يقع بما يكون واجبا ، وتعقب بأنه لا يلزم ما ذكر إلا إن كان إبراهيم فعله على سبيل الوجوب ، فإنه من الجائز أن يكون فعله على سبيل الندب فيحصل امتثال الأمر باتباعه على وفق ما فعل ، وقد تقرر أن الأفعال لا تدل على الوجوب . وأيضا فباقي الكلمات العشر ليست واجبة . وقال الماوردي : إن إبراهيم لا يفعل ذلك في مثل سنه إلا عن أمر من الله .
والحاصل أن الاستدلال بفعل إبراهيم على الوجوب يتوقف على أنه كان عليه واجبا ، فإن ثبت ذلك استقام الاستدلال .
132 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير قال : سئل nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : مثل من أنت حين قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أنا يومئذ مختون وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ) . قوله : ( حتى يدرك ) والإدراك في أصل اللغة بلوغ الشيء وقته وأراد به ههنا البلوغ ، والحديث يدل على ما أسلفناه من أن الختان غير مختص بوقت معين ، وقد تقدم الكلام فيه في الحديث الذي قبله ، ومن فوائد هذا الحديث أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس كان عند موت النبي صلى الله عليه وسلم في سن البلوغ ، وسيأتي ذكر الاختلاف في عمره عند موت النبي صلى الله عليه وسلم في باب ما يقطع الصلاة بمروره من أبواب السترة .
133 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : أخبرت عن عثيم بن كليب عن أبيه عن جده أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : قد أسلمت ، قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=70827ألق عنك شعر الكفر } يقول احلق ، قال : وأخبرني آخر معه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لآخر : { nindex.php?page=hadith&LINKID=1750ألق عنك شعر الكفر واختتن } . رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبو داود ) . وأخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني وابن عدي nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي ، قال الحافظ : وفيه انقطاع وعثيم وأبوه مجهولان قاله ابن القطان ، وقال عبدان : هو عثيم بن كثير بن كليب ، والصحابي هو كليب ، وإنما نسب عثيم في الإسناد إلى جده ، وقد وقع مبينا في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي ، أخرجه ابن منده في المعرفة ، وقال ابن عدي : الذي أخبر nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج به هو nindex.php?page=showalam&ids=12357إبراهيم بن أبي يحيى ، وعثيم بضم العين المهملة ثم ثاء مثلثة بلفظ التصغير
، والحديث استدل به من قال بوجوب الختان لما فيه من لفظ الأمر به ، وقد تقدم الكلام عليه .
[ ص: 148 ] فائدة ) اختلف في ختان الخنثى فقيل : يجب ختانه في فرجيه قبل البلوغ . وقيل : لا يجوز حتى يتبين ، وهو الأظهر قاله النووي . وأما من له ذكران فإن كانا عاملين وجب ختانهما وإن كان أحدهما عاملا دون الآخر ختن ، وإذا مات إنسان قبل أن يختن فلأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ثلاثة أوجه : الصحيح المشهور : لا يختن كبيرا كان أو صغيرا ، الثاني : يختن ، والثالث : يختن الكبير دون الصغير .