قوله : ( إذا رأيتموه ) أي الهلال هو عند الإسماعيلي بلفظ : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=44201يقول لهلال رمضان : إذا رأيتموه فصوموا } وكذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق وظاهره إيجاب الصوم حين الرؤية متى وجدت ليلا أو نهارا لكنه محمول على صوم اليوم المستقبل وهو ظاهر في النهي عن ابتداء صوم رمضان قبل رؤية الهلال فيدخل فيه صورة الغم وغيرها . ولو وقع الاقتصار على هذه الجملة لكفى ذلك لمن تمسك به لكن اللفظ الذي رواه أكثر الرواة أوقع للمخالف شبهة وهو قوله : " فإن غم عليكم فاقدروا له ' " فاحتمل أن يكون المراد التفرقة بين الصحو ; والغيم فيكون التعليق على الرؤية متعلقا بالصحو ، وأما الغيم فله حكم آخر ويحتمل أن لا تفرقة ويكون الثاني مؤكدا للأول وإلى الأول ذهب أكثر الحنابلة وإلى الثاني ذهب الجمهور فقالوا : المراد بقوله : " فاقدروا له " أي قدروا أول الشهر واحسبوا تمام الثلاثين ويرجح هذه الروايات المصرحة بإكمال العدة ثلاثين . قوله : ( فإن غم ) بضم المعجمة وتشديد الميم : أي حال بينه وبينكم سحاب أو نحوه .
قوله : ( فاقدروا له ) قال أهل اللغة : يقال : قدرت الشيء أقدره ، وأقدره بكسر الدال وضمها وقدرته وأقدرته كلها بمعنى واحد وهي من التقدير كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ومعناه عند الشافعية والحنفية وجمهور السلف والخلف : فاقدروا له تمام الثلاثين يوما لا كما قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل وغيره إن معناه فذروه تحت السحاب فإنه يكفي في رد ذلك الروايات المصرحة بالثلاثين كما تقدم ولا كما قال جماعة منهم : nindex.php?page=showalam&ids=13269ابن شريح nindex.php?page=showalam&ids=17098ومطرف بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=13436وابن قتيبة أن معناه قدروه بحساب المنازل قال في الفتح قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر لا يصح عن nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف وأما nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة فليس هو ممن يعرج عليه في مثل هذا ولا كما نقله nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي عن nindex.php?page=showalam&ids=13269ابن شريح أن قوله فاقدروا له خطاب لمن خصه الله بهذا العلم . وقوله : [ ص: 226 ] فأكملوا العدة " خطاب للعامة ; لأنه كما قال ابن العربي أيضا : يستلزم اختلاف وجوب رمضان ، فيجب على قوم بحساب الشمس والقمر ، وعلى آخرين بحساب العدد ، قال : وهذا بعيد عن النبلاء .
قوله . : ( الشهر تسع وعشرون ) ظاهره حصر الشهر في تسع وعشرين مع أنه لا ينحصر فيه بل قد يكون ثلاثين . والمعنى أن الشهر يكون تسعة وعشرين ، أو اللام للعهد والمراد شهر بعينه . ويؤيد الأول ما وقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=54لأم سلمة من حديث الباب بلفظ { nindex.php?page=hadith&LINKID=14440الشهر يكون تسعة وعشرين } . ويؤيد الثاني قول nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود { nindex.php?page=hadith&LINKID=106958صمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم تسعا وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين } أخرجه أبو داود والترمذي ، ومثله عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بإسناد جيد . قوله : ( فلا تصوموا حتى تروه ) ليس المراد تعليق الصوم بالرؤية في كل أحد ، بل المراد بذلك رؤية البعض ، إما واحد على رأي الجمهور أو اثنان على رأي غيرهم وقد تقدم الكلام على ذلك ، وقد تمسك بتعليق الصوم بالرؤية من ذهب إلى إلزام أهل البلد برؤية أهل بلد غيرها ، وسيأتي تحقيقه .
قوله : ( الشهر هكذا وهكذا . . . إلخ ) قال النووي : حاصله أن الاعتبار بالهلال ، لأن الشهر قد يكون تاما ثلاثين ، وقد يكون ناقصا تسعة وعشرين ، وقد لا يرى الهلال فيجب إكمال العدة ثلاثين ، قالوا : وقد يقع النقص متواليا في شهرين وثلاثة وأربعة ، ولا يقع أكثر من أربعة .
وفي هذا الحديث جواز اعتماد إشارة . قوله : ( قتر ) بفتح القاف والتاء الفوقية وبعدها راء : هو الغبرة على ما في القاموس . قوله : ( أصبح صائما ) فيه دليل على أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر كان يقول بصوم الشك ، وسيأتي بسط الكلام في ذلك .
قوله : ( { nindex.php?page=hadith&LINKID=21241صوموا لرؤيته } ) اللام للتأقيت لا للتعليل ، وسيأتي الكلام على ذلك في باب [ ص: 227 ] ما جاء في استقبال رمضان باليوم واليومين قوله : ( فإن غبي ) بفتح الغين المعجمة وكسر الباء الموحدة مخففة ، وهي بمعنى غم مأخوذ من الغباوة وهي عدم الفطنة استعار ذلك لخفاء الهلال قوله : ( فإن غمي عليكم ) بضم الغين المعجمة وتشديد الميم وتخفيفها فهو مغموم وهو بمعنى غم . ونقل nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي أنه روي عمي بالعين المهملة من العمى وهو بمعناه ; لأنه ذهاب البصر عن المشاهدات أو البصيرة عن المعقولات . والحديث يدل على أنه يجب على من لم يشاهد الهلال ولا أخبره من شاهده أن يكمل عدة شعبان ثلاثين يوما ثم يصوم ، ولا يجوز له أن يصوم يوم الثلاثين من شعبان خلافا لمن قال بصوم يوم الشك ، وسيأتي ذكرهم ويكمل عدة رمضان ثلاثين يوما ثم يفطر ولا خلاف في ذلك .
حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وهو من صحيح حديث سماك بن حرب لم يدلس فيه ولم يلقن أيضا فإنه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عنه وكان nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة لا يأخذه عن شيوخه ما دلسوا فيه ولا ما لقنوا . وحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة صححه أيضا الحافظ . وحديث nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة أخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان من طريق nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عن منصور عن nindex.php?page=showalam&ids=15883ربعي عن nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة . وحديث nindex.php?page=showalam&ids=56عمار أخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة وصححاه nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16238صلة بن زفر قال : " كنا عند nindex.php?page=showalam&ids=56عمار " فذكره ، وعلقه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه عن صلة وليس هو عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم . وقد وهم من عزاه إليه . قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : هذا مسند عندهم مرفوع لا يختلفون في ذلك ، وزعم أبو القاسم الجوهري أنه موقوف ورد عليه . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن سفيان عن nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك عن عكرمة . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب وزاد فيه nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وقد استدل بهذه الأحاديث على المنع من صوم يوم الشك . قال النووي : وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي والجمهور . وحكى الحافظ في الفتح عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة : أنه لا يجوز صومه عن فرض رمضان ويجوز عما سوى ذلك . قال ابن الجوزي في التحقيق nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد في هذه المسألة وهي إذا حال دون مطلع الهلال غيم أو غيره ليلة الثلاثين من شعبان ثلاثة أقوال : أحدها يجب صومه على أنه من رمضان . وثانيها لا يجوز فرضا ولا نفلا مطلقا ، بل قضاء وكفارة ونذرا ونفلا يوافق عادة . ثالثها المرجع إلى رأي الإمام في الصوم والفطر . وذهب جماعة من الصحابة إلى صومه ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=8علي وعائشة nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك وأسماء بنت أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=33ومعاوية nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص وغيرهم وجماعة من التابعين ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=15959وسالم بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=17188وميمون بن مهران nindex.php?page=showalam&ids=17098ومطرف بن الشخير وبكر بن عبد الله المزني nindex.php?page=showalam&ids=12081وأبو عثمان النهدي . وقال جماعة من أهل البيت باستحبابه ، وقد ادعى المؤيد بالله أنه أجمع على استحباب صومه [ ص: 229 ] أهل البيت ، وهكذا قال الأمير الحسين في الشفاء والمهدي في البحر وقد أسند لابن القيم في الهدي الرواية عن الصحابة المتقدم ذكرهم القائلين بصومه وحكى القوم بصومه عن جميع من ذكرنا منهم ومن التابعين وقال : وهو مذهب إمام أهل الحديث والسنة nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل واستدل المجوزون لصومه بأدلة : منها ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة { nindex.php?page=hadith&LINKID=10737أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومه } وأجيب عنه بأن مرادها أنه كان يصوم شعبان كله لما أخرجه أبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديثها قالت { nindex.php?page=hadith&LINKID=34406ما رأيته يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان } وهو غير محل النزاع لأن ذلك جائز عند المانعين من صوم يوم الشك لما في الحديث الصحيح المتفق عليه من قوله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10737إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه } .
وأيضا قد تقرر في الأصول أن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض القول الخاص بالأمة ولا العام له ولهم لأنه يكون فعله مخصصا له من العموم ومنها ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي عليه السلام قال : " لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان " وأجيب بأن ذلك من رواية فاطمة بنت الحسين عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي وهي لم تدركه فالرواية المنقطعة ولو سلم الاتصال فليس بنافع لأن لفظ الرواية " أن رجلا شهد عند nindex.php?page=showalam&ids=8علي على رؤية الهلال فصام وأمر الناس أن يصوموا ثم قال : لأن أصوم . . . إلخ " فالصوم لقيام شهادة واحدة عنده لا لكونه يوم شك وأيضا الاحتجاج بذلك على فرض أنه عليه السلام استحب صوم يوم الشك من غير نظر إلى شهادة الشاهد إنما يكون حجة على من قال بأن قوله حجة على أنه قد روي عنه القول بكراهة صومه حكى ذلك عنه صاحب الهدي قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : وممن روي عنه كراهة صوم يوم الشك nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=56وعمار nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك ، والحاصل أن الصحابة مختلفون في ذلك وليس قول بعضهم بحجة على أحد والحجة ما جاءنا عن الشارع وقد عرفته وقد استوفيت الكلام على هذه المسألة في الأبحاث التي كتبتها على رسالة الجلال وسيأتي الكلام على استقبال رمضان بيوم أو يومين في آخر الكتاب - إن شاء الله تعالى - .