قوله : ( واستهل علي رمضان ) هو بضم التاء من استهل ، قاله النووي قوله : ( أفلا تكتفي ) شك أحد رواته هل هو بالخطاب nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس أو بنون الجمع للمتكلم . وقد تمسك بحديث nindex.php?page=showalam&ids=16845كريب هذا من قال : إنه لا يلزم أهل بلد رؤية أهل بلد غيرها . وقد اختلفوا في ذلك على مذاهب ذكرها صاحب الفتح : أحدها أنه يعتبر لأهل كل بلد رؤيتهم ولا يلزمهم رؤية غيرهم حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن عكرمة والقاسم بن محمد nindex.php?page=showalam&ids=15959وسالم وإسحاق ، وحكاه الترمذي عن أهل العلم ولم يحك سواه ، وحكاه الماوردي وجها للشافعية . وثانيها : أنه لا يلزم أهل بلد رؤية غيرهم إلا أن يثبت ذلك عند الإمام الأعظم فيلزم كلهم لأن البلاد في حقه كالبلد الواحد إذ حكمه نافذ في الجميع ، قاله ابن الماجشون . وثالثها : أنها إن تقاربت البلاد كان الحكم واحدا وإن تباعدت فوجهان ; لا يجب عند الأكثر ، قاله بعض الشافعية . واختار أبو الطيب وطائفة الوجوب ، وحكاه البغوي عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وفي ضبط البعد أوجه : أحدها : اختلاف المطالع قطع به العراقيون والصيدلاني . وصححه النووي في الروضة وشرح المهذب . ثانيها : مسافة القصر قطع به البغوي ، وصححه الرافعي والنووي . ثالثها : باختلاف الأقاليم ، حكاه في الفتح . رابعها : أنه يلزم أهل كل بلد لا يتصور خفاؤه عنهم بلا عارض دون غيرهم ، حكاه السرخسي . خامسها : مثل قول ابن الماجشون المتقدم .
سادسها : أنه لا يلزم إذا اختلفت الجهتان ارتفاعا وانحدارا كأن يكون أحدهما سهلا والآخر جبلا أو كان كل بلد في إقليم ، حكاه المهدي في البحر عن الإمام يحيى والهادوية . وحجة أهل هذه الأقوال حديث nindex.php?page=showalam&ids=16845كريب هذا . ووجه الاحتجاج به أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لم يعمل برؤية أهل الشام وقال في آخر الحديث : هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدل ذلك على أنه قد حفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يلزم أهل بلد العمل برؤية أهل بلد آخر . واعلم أن الحجة إنما هي في المرفوع من رواية nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لا في اجتهاده الذي فهم عنه الناس والمشار إليه بقوله : " هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " هو قوله : فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين ، والأمر الكائن من رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ما أخرجه الشيخان وغيرهما بلفظ : [ ص: 231 ] { nindex.php?page=hadith&LINKID=30371لا تصوموا حتى تروا الهلال ، ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين }
وهذا لا يختص بأهل ناحية على جهة الانفراد بل هو خطاب لكل من يصلح له من المسلمين فالاستدلال به على لزوم رؤية أهل بلد لغيرهم من أهل البلاد أظهر من الاستدلال به على عدم اللزوم لأنه إذا رآه أهل بلد فقد رآه المسلمون فيلزم غيرهم ما لزمهم ولو سلم توجه الإشارة في كلام nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس إلى عدم لزوم رؤية أهل بلد لأهل بلد آخر لكان عدم اللزوم مقيدا بدليل العقل وهو أن يكون بين القطرين من البعد ما يجوز معه اختلاف المطالع ، وعدم عمل nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس برؤية أهل الشام مع عدم البعد الذي يمكن معه الاختلاف في عمل بالاجتهاد وليس بحجة ولو سلم عدم لزوم التقييد بالعقل فلا يشك عالم أن الأدلة قاضية بأن أهل الأقطار يعمل بعضهم بخبر بعض وشهادته في جميع الأحكام الشرعية والرؤية من جملتها وسواء كان بين القطرين من البعد ما يجوز معه اختلاف المطالع أم لا فلا يقبل التخصيص إلا بدليل ولو سلم صلاحية حديث nindex.php?page=showalam&ids=16845كريب .
هذا للتخصيص فينبغي أن يقتصر فيه على محل النص إن كان النص معلوما أو على المفهوم منه إن لم يكن معلوما لوروده على خلاف القياس ولم يأت nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بلفظ النبي صلى الله عليه وسلم ولا بمعنى لفظه حتى ننظر في عمومه وخصوصه إنما جاءنا بصيغة مجملة أشار بها إلى قصة هي عدم عمل أهل المدينة برؤية أهل الشام على تسليم أن ذلك المراد ولم نفهم منه زيادة على ذلك حتى نجعله مخصصا لذلك العموم فينبغي الاقتصار على المفهوم من ذلك الوارد على خلاف القياس وعدم الإلحاق به فلا يجب على أهل المدينة العمل برؤية أهل الشام دون غيرهم ويمكن أن يكون ذلك في حكمة لا نعقلها ولو نسلم صحة الإلحاق ، وتخصيص العموم به فغايته أن يكون في المحلات التي بينها من البعد ما بين المدينة والشام أو أكثر ، وأما في أقل من ذلك فلا وهذا ظاهر فينبغي أن ينظر ما دليل من ذهب إلى اعتبار البريد أو الناحية أو البلد في المنع من العمل بالرؤية والذي ينبغي اعتماده هو ما ذهب إليه المالكية وجماعة من الزيدية .
واختاره المهدي منهم وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي عن شيوخه أنه إذا رآه أهل بلد لزم أهل البلاد كلها ولا يلتفت إلى ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر من أن هذا القول خلاف الإجماع قال لأنهم قد أجمعوا على أنه لا تراعى الرؤية فيما بعد من البلدان كخراسان والأندلس وذلك لأن الإجماع لا يتم والمخالف مثل هؤلاء الجماعة .