قوله : ( بأبي قحافة ) هو والد nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق . قوله : ( ثغامة ) بثاء مثلثة مفتوحة ثم غين معجمة مخففة . قال أبو عبيد : هو نبت أبيض الزهر والثمر يشبه بياض المشيب به . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : هو شجر مبيض كأنه الثلج ، قال في القاموس : الثغام كسحاب نبت واحدته بهاء وأثغماء اسم الجمع ، وأثغم الوادي أنبته ، والرأس صار كالثغامة بياضا ولون ثاغم أبيض كالثغام . والحديث يدل على مشروعية تغيير الشيب وأنه غير مختص باللحية وعلى كراهة الخضاب بالسواد ، قال بذلك جماعة من العلماء .
قال النووي : والصحيح بل الصواب أنه حرام يعني الخضاب بالسواد ، وممن صرح به صاحب الحاوي انتهى . وقد أخرج أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=44259يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام [ ص: 152 ] لا يريحون رائحة الجنة } قال nindex.php?page=showalam&ids=16383المنذري : وفي إسناده nindex.php?page=showalam&ids=16395عبد الكريم ولم ينسبه أبو داود ولا nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي انتهى ، وهو nindex.php?page=showalam&ids=13999الجريري كما وقع في بعض نسخ السنن .
وقد ورد في استحباب خضاب الشيب وتغييره أحاديث سيأتي بعضها . منها ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وأبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=11663إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم } .
وأخرج أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=27949كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره عشر خلال : الصفرة - يعني الخلوق - وتغيير الشيب } الحديث ، ولكنه لا ينتهض لمعارضة أحاديث تغيير الشيب قولا وفعلا . قال القاضي عياض : اختلف السلف من الصحابة والتابعين في الخضاب وفي جنسه فقال بعضهم : ترك الخضاب أفضل ، وروي حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن تغيير الشيب ، ولأنه صلى الله عليه وسلم لم يغير شيبه ، روي هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي وأبي بكر وآخرين ، وقال آخرون : الخضاب أفضل ، وخضب جماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم للأحاديث الواردة في ذلك ، ثم اختلف هؤلاء فكان أكثرهم يخضب بالصفرة ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة وآخرون ، وروي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، وخضب جماعة منهم بالحناء والكتم .
وبعضهم بالزعفران . وخضب جماعة بالسواد ، روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان nindex.php?page=showalam&ids=35والحسن nindex.php?page=showalam&ids=17والحسين ابني nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، nindex.php?page=showalam&ids=27وعقبة بن عامر nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=11935وأبي بردة وآخرين . قال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : الصواب أن الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم بتغيير الشيب ، وبالنهي عنه كلها صحيحة وليس فيها تناقض بل الأمر بالتغيير لمن شيبه كشيب أبي قحافة ، والنهي لمن له شمط فقط قال : واختلاف السلف في فعل الأمرين بحسب اختلاف أحوالهم في ذلك مع أن الأمر والنهي في ذلك ليس للوجوب بالإجماع ، ولهذا لم ينكر بعضهم على بعض .
قصة أبي قحافة قد تقدم الكلام عليها ، وفي هذه الرواية زيادة الأمر بتغيير بياض اللحية وحديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس وإنكاره لخضاب النبي صلى الله عليه وسلم يعارضه ما سيأتي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر { nindex.php?page=hadith&LINKID=4146أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصفر لحيته بالورس والزعفران } وما سبق من حديثه ( أنه كان يصبغ بالصفرة ) ، وما في الصحيحين ، وإن كان أرجح مما كان خارجا عنهما ، ولكن عدم علم nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بوقوع الخضاب منه صلى الله عليه وسلم لا يستلزم العدم ، ورواية من أثبت أولى من روايته لأن غاية ما في روايته أنه لم يعلم وقد علم غيره .
وأيضا قد ثبت في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ما يدل على اختضابه كما سيأتي على أنه لو فرض عدم ثبوت اختضابه لما كان قادحا في سنية الخضاب لورود الإرشاد إليها قولا في الأحاديث الصحيحة . قال ابن القيم : واختلف الصحابة في خضابه صلى الله عليه وسلم فقال nindex.php?page=showalam&ids=9أنس : لم يخضب وقال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : خضب وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن حميد عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال : { رأيت شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم مخضوبا } . قال حماد : وأخبرني nindex.php?page=showalam&ids=13371عبد الله بن محمد بن عقيل قال : { رأيت شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك مخضوبا } .
وقالت طائفة { : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكثر الطيب قد احمر شعره فكان يظن مخضوبا ولم يخضب } انتهى . وقد أثبت اختضابه صلى الله عليه وسلم مع nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أبو رمثة كما سيأتي . قوله : ( الكتم ) في القاموس والكتم محركة والكتمان بالضم نبت يخلط بالحناء ويختضب به الشعر . انتهى . وهو النبت المعروف بالوسمة يعني ورق النيل ، وفي كتب الطب أنه نبت من نبت الجبال وورقه كورق الآس يخضب به مدقوقا .
141 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=28411كان يلبس النعال السبتية ويصفر لحيته بالورس والزعفران وكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يفعل ، ذلك . } رواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ) . [ ص: 154 ] الحديث الأول يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم خضب ، وقد تقدم الكلام عليه . وقد أجيب بأن الحديث ليس فيه بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي خضب بل يحتمل أن يكون احمر بعده لما خالطه من طيب فيه صفرة ، وأيضا كثير من الشعور التي تنفصل عن الجسد إذا طال العهد يئول سوادها إلى الحمرة كذا قال الحافظ .
وأيضا هذا الحديث معارض لحديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس المتقدم ، وقد سبق البحث عن ذلك ، وقال الطبري في الجمع بين الحديثين : من جزم بأنه خضب فقد حكى ما شاهد ، وكان ذلك في بعض الأحيان ، ومن نفى ذلك فهو محمول على الأكثر الأغلب من حاله صلى الله عليه وسلم . والحديث الثاني في إسناده nindex.php?page=showalam&ids=16374عبد العزيز بن أبي رواد ، وفيه مقال معروف وهو في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بأطول من هذا ، ذكره في أبواب الوضوء ، ولكنه لم يقل يصفر لحيته بل قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=39234وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها فأنا أحب أن أصبغ بها } . الحديث . وأخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم .
قوله : ( السبتية ) بكسر السين جلود البقر ، وكل جلد مدبوغ أو بالقرظ ذكره في القاموس ، وإنما قيل لها سبتية أخذا من السبت وهو الحلق لأن شعرها قد حلق عنها وأزيل . قوله : ( ويصفر لحيته ) قال الماوردي : لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه صبغ شعره ، ولعله لم يقف على هذا الحديث وهو مبين للصبغ المطلق في الصحيحين ، وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر { لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بالصفرة إلا ثيابه } ، أورده ابن قدامة في المغني .
وقد أخرج nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال : ( اختضب nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر بالحناء والكتم ، واختضب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بالحناء بحتا ) أي منفردا وهذا يشعر بأن أبا بكر كان يجمع بينهما دائما ، والكتم نبات باليمن يخرج الصبغ أسود يميل إلى الحمرة وصبغ الحناء أحمر فالصبغ بهما معا يخرج بين السواد والحمرة ، وقد استنبط nindex.php?page=showalam&ids=12510ابن أبي عاصم من قوله : ( جنبوه السواد ) في حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أن الخضاب بالسواد كان من عادتهم .
والحديث الثاني يدل على أن العلة في شرعية الصباغ وتغيير الشيب هي مخالفة اليهود والنصارى وبهذا يتأكد استحباب الخضاب ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبالغ في مخالفة أهل الكتاب ويأمر بها وهذه السنة قد كثر اشتغال السلف بها ، ولهذا ترى المؤرخين في التراجم لهم يقولون : وكان يخضب وكان لا يخضب ، قال ابن الجوزي : قد اختضب جماعة من الصحابة والتابعين . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل وقد رأى رجلا قد خضب لحيته : إني لأرى رجلا يحيي ميتا من السنة ، وفرح به حين رآه صبغ بها .
قال النووي : مذهبنا استحباب خضاب الشيب للرجل والمرأة بصفرة أو حمرة ، ويحرم خضابه بالسواد على الأصح . قال وللخضاب فائدتان : إحداهما : تنظيف الشعر مما تعلق به ، والثانية : مخالفة أهل الكتاب . قال في الفتح : وقد رخص فيه أي في الخضب بالسواد طائفة من السلف منهم nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص nindex.php?page=showalam&ids=27وعقبة بن عامر nindex.php?page=showalam&ids=35والحسن nindex.php?page=showalam&ids=17والحسين nindex.php?page=showalam&ids=97وجرير وغير واحد ، واختاره nindex.php?page=showalam&ids=12510ابن أبي عاصم في كتاب الخضاب .
وقد أخرج nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني nindex.php?page=showalam&ids=12510وابن أبي عاصم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء رفعه { nindex.php?page=hadith&LINKID=36320من خضب بالسواد سود الله وجهه يوم القيامة } قال الحافظ : وسنده لين ، ويمكن تعقب الجواب الأول بأن يقال : ترتيب الحكم على الوصف مشعر بالعلية ، وقد وصف القوم المذكورين بأنهم يخضبون بالسواد ، ويمكن تعقب الجواب الثاني بأنه مبني على أن حكمه على الواحد ليس حكما على الجماعة ، وفيه خلاف معروف في الأصول .