الكديد وقديد قد تقدم ضبطهما وتفسيرهما . والحديث يدل على أن المسافر إذا أقام ببلد مترددا جاز له أن يفطر مدة تلك الإقامة كما يجوز له أن يقصر ، وقد عرفناك في باب قصر الصلاة أن من حط رحله في بلد وأقام به يتم صلاته لأن مشقة السفر قد زالت عنه ولا يقصر إلا إلى مقدار المدة التي قصر فيها صلى الله عليه وسلم مع إقامته ، ولا شك أن قصره صلى الله عليه وسلم في تلك المدة لا ينفي القصر فيما زاد عليها ، ولكن ملاحظة الأصل منعت من مجاوزتها لأن القصر للمقيم لم يشرعه الشارع فلا يثبت له إلا بدليل ، وقد دل الدليل على أنه يقصر في مثل المدة التي أقام فيها صلى الله عليه وسلم ، وقد تقدم الخلاف في مقدارها فيقتصر على ذلك . وهكذا يقال في الإفطار : الأصل في المقيم أن لا يفطر لزوال مشقة السفر عنه إلا بدليل يدل على جوازه له ، وقد دل الدليل على أن من كان مقيما ببلد وفي عزمه السفر يفطر مثل المدة التي أفطرها صلى الله عليه وسلم بمكة وهي عشرة أيام أو أحد عشر على اختلاف الروايات ، فيقتصر على ذلك ولا يجوز الزيادة عليه إلا بدليل . فإن قيل : الاعتبار بإطلاق اسم المسافر على المقيم المتردد ، وقد أطلقه عليه صلى الله عليه وسلم فقال : " إنا قوم سفر " كما تقدم في القصر لا بالمشقة ، وعدم انضباطها .
قلنا : قد تقدم الجواب عن ذلك في القصر فليرجع إليه .