قوله ( الجمرة ) يعني : جمرة العقبة . قوله : ( يوم النحر ضحى ) لا خلاف أن هذا الوقت هو الأحسن لرميها واختلف فيمن رماها قبل الفجر ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يجوز تقديمه من نصف الليل وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس والشعبي وقالت الحنفية nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق والجمهور : إنه لا يرمي جمرة العقبة إلا بعد طلوع الشمس ، ومن رمى قبل طلوع الشمس وبعد طلوع الفجر جاز ، وإن رماها قبل الفجر أعاد . وحكى المهدي في البحر عن العترة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي أن وقت الرمي من ضحى يوم النحر واستدل القائلون بأن وقت الرمي من وقت الضحى بحديث الباب وبحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الآتي : قالوا : وإذا كان من رخص له النبي صلى الله عليه وسلم منعه أن يرمي قبل طلوع الشمس ، فمن لم يرخص له أولى ، واحتج المجوزون للرمي قبل الفجر بحديث nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء الآتي ولكنه مختص بالنساء كما سيأتي ، ولا حاجة إلى الجمع بينه وبين حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بحمل حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس على الندب كما ذكره صاحب الفتح قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : السنة أن لا يرمي إلا بعد طلوع الشمس كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجوز الرمي قبل طلوع الفجر ; لأن فاعله مخالف للسنة ، ومن رماها حينئذ فلا إعادة عليه إذ لا أعلم أحدا قال : لا يجزئه انتهى .
والأدلة تدل على أن وقت الرمي من بعد طلوع الشمس لمن كان لا رخصة له ومن كان له رخصة كالنساء وغيرهن من الضعفة جاز قبل ذلك ، ولكنه لا يجزئ في أول ليلة النحر إجماعا وسيأتي بقية الكلام على هذا واعلم أنه قد قيل : إن الرمي واجب بالإجماع كما حكى ذلك في البحر واقتصر صاحب الفتح على حكاية الوجوب عن الجمهور وقال : إنه عند المالكية سنة وحكى عنهم أن رمي جمرة العقبة ركن يبطل الحج بتركه ، وحكى ابن جرير عن عائشة وغيرها أن الرمي إنما شرع حفظا للتكبير فإن تركه وكبر أجزأه والحق أنه واجب لما قدمنا من أن أفعاله صلى الله عليه وسلم بيان لمجمل واجب وهو قوله تعالى: { ولله على الناس حج البيت } وقوله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=18285خذوا عني مناسككم } .
قوله : ( على راحلته ) استدل به على أن رمي الراكب لجمرة العقبة أفضل من رمي الراجل ، وبه قالت الشافعية والحنفية والناصر والإمام يحيى وقال الهادي والقاسم : إن رمي الراجل أفضل وأجابوا عن الحديث بأنه صلى الله عليه وسلم كان راكبا لعذر الازدحام قوله : ( لتأخذوا ) بكسر اللام قال النووي : هي لام الأمر ومعناه خذوا مناسككم قال : وهكذا وقع في رواية غير nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وتقدير الحديث أن هذه الأمور التي [ ص: 80 ] أثبت بها في حجتي من الأقوال والأفعال والهيئات هي أمور الحج وصفته والمعنى : اقبلوها واحفظوها واعملوا بها وعلموها الناس
قال النووي وغيره : هذا الحديث أصل عظيم في مناسك الحج وهو نحو قوله صلى الله عليه وسلم في الصلاة : { nindex.php?page=hadith&LINKID=20870صلوا كما رأيتموني أصلي } قال nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي : ويلزم من هذين الأصلين أن الأصل في أفعال الصلاة والحج الوجوب إلا ما خرج بدليل كما ذهب إليه أهل الظاهر وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي انتهى وقد قدمنا في الصلاة أن مرجع واجباتها إلى حديث المسيء فلا يجب غير ما اشتمل عليه إلا بدليل يخصه وقد قدمنا أن أفعال الحج وأقواله ، الظاهر فيها الوجوب إلا ما خرج بدليل كما قالت الظاهرية ، وهو الحق . قال القرطبي : روايتنا لهذا الحديث فاللام الجر المفتوحة والنون التي هي مع الألف ضمير أي : يقول لنا : خذوا مناسككم ، فيكون قوله لنا صلة للقول ، قال : وهو الأفصح ، وقد روي لتأخذوا بكسر اللام للأمر وبالتاء المثناة من فوق وهي لغة شاذة { nindex.php?page=hadith&LINKID=119533قرأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: فبذلك فلتفرحوا } انتهى .
والأولى أن يقال : إنها قليلة لا شاذة ، لورودها في كتاب الله تعالى وفي كلام نبيه صلى الله عليه وسلم وفي كلام فصحاء العرب وقد قرأ بها nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان وأبي nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس والحسن وأبو رجاء nindex.php?page=showalam&ids=13617وابن هرمز nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين وأبو جعفر المدني والسلمي nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة والجحدري وهلال بن يساف nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وعمرو بن فائد والعباس بن الفضل الأنصاري قال صاحب اللوامح : وقد جاء عن يعقوب كذلك ، قال ابن عطية : وقرأ بها ابن القعقاع وابن عامر وهي قراءة جماعة من المسلمين كثيرة وما نقله ابن عطية عن ابن عامر هو خلاف قراءته المشهورة .
قوله : ( لعلي لا أحج بعد حجتي هذه ) فيه إشارة إلى توديعهم ، وإعلامهم بقرب وفاته صلى الله عليه وسلم ولهذا سميت حجة الوداع . قوله : ( إلى الجمرة الكبرى ) هي جمرة العقبة . قوله : ( فجعل البيت عن يساره ) فيه أنه يستحب لمن وقف عند الجمرة أن يجعل مكة عن يساره . قوله : ( ومنى عن يمينه ) فيه أنه يستحب أن يجعل منى على جهة يمينه ويستقبل الجمرة بوجهه . قوله : ( ورمى بسبع ) فيه دليل على أن رمي الجمرة يكون بسبع حصيات ، وهو يرد قول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : ما أبالي رميت الجمرة بست أو بسبع ، وسيأتي في باب المبيت بمنى متمسك لقوله وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أنه لا شيء على من رمى بست وعن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس يتصدق بشيء ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك والأوزاعي من رمى بأقل من سبع وفاته التدارك يجبره بدم ، وعن الشافعية في ترك حصاة مد ، وفي ترك حصاتين مدان ، وفي ثلاثة فأكثر دم وعن الحنفية إن ترك أقل من نصف الجمرات الثلاث فنصف صاع وإلا فدم .
قوله : ( سورة البقرة ) خصها بالذكر ; لأن معظم أحكام الحج فيها . قوله : ( يكبر مع كل حصاة ) فيه استحباب التكبير مع كل حصاة . وقد استدل بهذا على اشتراط رمي الجمرات بواحدة بعد واحدة من الحصى ; لأن التكبير مع كل حصاة [ ص: 81 ] يدل على ذلك وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء أنه يجزئ ويكبر لكل حصاة تكبيرة
وقال الأصم : يجزئ مطلقا ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : يجزئ الجاهل فقط وقال الناصر والحنفية والشافعية : يجزئ عن واحدة مطلقا . وقالت الهادوية : لا يجزئ بل يستأنف . قوله : ( وقال اللهم ) . . . إلخ فيه استحباب هذا مع التكبير قال في الفتح : وأجمعوا على أن من لم يكبر لا شيء عليه انتهى .
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي ورجاله رجال الصحيح .
قوله : ( أغيلمة ) منصوب على الاختصاص أو على الندب قال في النهاية : تصغير أغلمة بسكون وكسر اللام جمع غلام وهو جائز في القياس ولم يرد في جمع الغلام أغلمة ، وإنما ورد غلمة بكسر الغين والمراد بالأغيلمة الصبيان ولذلك صغرهم قوله : ( على حمرات ) بضم الحاء المهملة والميم جمع لحمر ، وحمر جمع لحمار قوله : ( فجعل يلطح ) بفتح الياء التحتية والطاء المهملة وبعدها حاء مهملة قال الجوهري : اللطح الضرب اللين على الظهر ببطن الكف ا هـ وإنما فعل ذلك ملاطفة لهم قوله : أبيني بضم الهمزة وفتح الباء الموحدة وسكون ياء التصغير وبعدها نون مكسورة ثم ياء النسب المشددة كذا قال ابن رسلان في شرح السنن وقال في النهاية : الأبيني بوزن الأعيمي تصغير الأبنا بوزن الأعمى وهو جمع ابن .
قوله : حتى تطلع الشمس استدل بهذا من قال : إن وقت رمي جمرة العقبة من بعد طلوع الشمس . وقد تقدم الكلام على ذلك ، وأما وقت رمي غيرها فسيأتي في باب المبيت بمنى قوله : ( قبل الفجر ) هذا مختص بالنساء كما أسلفنا فلا يصلح للتمسك به على جواز الرمي لغيرهن من هذا الوقت لورود الأدلة القاضية بخلاف ذلك كما تقدم ، ولكنه يجوز لمن بعث معهن من الضعفة كالعبيد والصبيان أن يرمي في وقت رميهن كما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء وحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الآخر . قوله : ( فأفاضت ) أي : ذهبت لطواف الإفاضة ثم رجعت إلى منى .
قوله : ( يعني : ) هو من تفسير أبي داود قوله : ( عندها ) يعني : عند nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة أي : في نوبتها من القسم . قوله : ( فارتحلوا ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=3000248فارحل بي } . قوله : ( يا هنتاه ) بفتح الهاء والنون وقد تسكن النون بعدها مثناة فوقية وآخرها هاء ساكنة هذا اللفظ كناية عن شيء لا تذكره باسمه وهو بمعنى يا هذه . قوله : ( ما أرانا ) بضم الهمزة بمعنى الظن ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=3000249لقد غلسنا } بالجزم .
واستدل به على إسقاط المرور بالمشعر عن الظعينة ولا دلالة فيه على ذلك ; لأن غاية ما فيه السكوت عن المرور بالمشعر وقد ثبت في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه كان يقدم ضعفة أهله فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بليل ثم يقدمون منى لصلاة الفجر ويرمون . قوله : ( مع الفجر ) فيه [ ص: 83 ] دليل على أنه يجوز للنساء ومن معهن من الضعفة الرمي وقت الفجر كما تقدم . .